عنوان الفتوى : عقد على فتاة، وقلبه معلق بفتاة غيرها، فهل يجوز أن يدعو بالزواج منها؟
العام الماضي عرضت عليَّ فتاة نفسها للزواج، وبعد فترة من التفكير، اطمئن قلبي لها، فوافقت، ثم بعد ما فَتَحَتِ الموضوع مع أبويها أجابا بالقبول، لكن بشرط أن تنهي دراستها، وتشتغل أولا، وهو ما رفضته.
ثم بعد فترة قَبِلا أن لا تشتغل ابنتهما، لكن أصرا على إتمام دراستها (ثلاث سنوات على الأقل)، ورفضتُ ذلك أيضا، فأنا قد شارفت على الثلاثين، وفي حاجة ماسة لزوجة في بيتي.
بعد ما يقارب السنة من فتح الموضوع مع الوالدين، وبعد محاولات عدة معهما استقر في قلبي أننا لن نصل إلى اتفاق، وقد أصابني ضيق شديد لهذا الأمر، فقد كنت أرى فيها الزوجة المثالية، وقد تعلقت بها تعلقا شديدا.
ولكن سلمت أمري لله، وبدأت أبحث عن زوجة أخرى، فتقدمت لفتاة فيها من التدين، والخلق الحسن، ونصيب جمال ما يجعلها صالحة للزواج.
وقد كانت الأمور ميسرة جدا من قبل أهلها، وسارت الأمور بخير، وعقدتُ عليها -وإن كنت لا أزال أصارع مشاعري تجاه البنت الأولى بشدة، ولا زالت تسبب لي الحزن والألم الكبيرين-.
ثم قبل أيام من زواجي اتصلت البنت الأولى، وأخبرتني أن والديها وافقا، فزاد حزني، وألمي، وحيرتي. لكني أخبرتها أني لا أستطيع ظلم هذه البنت التي عقدت عليها وتَرْكَها. فاقتنَعَتْ، وبلَغني أنها بكت بحرقة وحزن، وأنا كذلك فعلت، وهي تدعو الله أن يجمعني بها يوما، وتجتهد في الطاعات. وقد دعوت الله بذلك أيضا، ولا أعلم إن كان ذلك مشروعا أم لا؟
أنا أعيش الآن حياة صعبة، وإن كنت لا أظهر لزوجتي شيئا، وأعاملها بالحسنى، وهي سعيدة بتعاملي معها.
هل يجوز أن أدعو الله أن يجمعني بالأولى يوما ما؟ علما أن ذلك مناها، وأنها ما أرادت من الرجال غيري؟ أرجو الإفادة.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلنبدأ بما يخص الفتاة التي عقدت نكاحك عليها، فإن كان الحال ما ذكرت من كونها صالحة، وعندها نصيب من الجمال، فالأولى إتمام الزواج منها، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك. رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة. وهي -على ما ذكرت- ذات دين وخلق وجمال، فاحمد الله تعالى، وارض بما آتاك.
وإن كانت تلك الفتاة الأولى ذات دين وخلق، فلا بأس بأن تدعو الله -عز وجل- أن ييسر لك الزواج منها، إن كنت ترغب في اتخاذها زوجة ثانية، وكنت قادرا على العدل بين زوجتين.
وإن لم يكن ذلك ممكنا، فلا خير لك في التفكير في الزواج منها، فضلا عن الدعاء بذلك.
وعلى كل حال لا تجعل أمر التفكير فيها عائقا في مسيرة هذا الزواج، أو أن يحول دون إحسانك عشرة زوجتك، فإنك لا تدري أين الخير.
والله أعلم.