عنوان الفتوى : طاعة الوالدين في أخذ ما دون القبضة من اللحية
لدي مشكلة في مسألة تقليد العلماء.
في البداية كنت أحاول الترجيح، ففشلت. فقررت التقليد، وقلت سأختار الرأي القائل باختيار عالم ثقة لتقليده؛ لأن القول القائل بأخذ الأيسر لست أفهمه، أليس الدين سيكون كله ترخصا بالأسهل، هكذا.
وعندما حاولت اختيار واحد، جاء في بالي مباشرة ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- فجلست فترة أقلده. ثم جاءتني نازلة، وكان ابن عثيمين يفتي بالتحريم فيها، وكانت ستحصل مشاكل لي. لكن -سبحان الله- تذكرت أني نسيت علماء مثل الإمام مالك والشافعي وأحمد، فقلت في نفسي: أنا أرى هؤلاء أعلم، مع احترامي لابن عثيمين. ووجدت نفسي مساوياً لهم هم الثلاثة. وكذلك المسألة التي أردتها؛ لأن مالكا أفتى بالكراهية، وأحمد بالتحريم.
وقرأت عندكم أن حكمها يكون كحكم المشتبهات بالنسبة للعامي. وأيضاً قرأت عندكم وجوب طاعة الوالدين في المشتبهات، وكانا يأمرانني بها فأطعتهما، لما وصل بي اجتهادي إليه. والآن في أغلب المسائل أجد نفسي في دائرة المشتبهات أيضاً، أي أغلب المسائل تكون مثل الأولى، وهذا يقلقني.
فما توجيهكم (المسألة المقصودة هي الأخذ من اللحية دون القبضة، ودون حلقها).
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتوجيهنا هو أن تجتهد في اتقاء الشبهات ما استطعت؛ فإن اتقاءَها أبرأُ لدينك وعرضك، كما جاء في الحديث.
وإذا أمرك والداك أو أحدهما بأمر فيه شبهة، فإن أمكنك إقناعهما، وإلا؛ فأطعهما ما دام أن الأمر دائر في حدود الشبهة وليس المحرم، وأكثر العلماء على أن طاعة الوالدين واجبة في الشبهات دون الحرام، كما بيناه في الفتوى: 285715.
وأما أخذ ما دون القبضة من اللحية، فلا نعلم أحدا من المتقدمين قال به، وإنما قال به بعض المتأخرين.
وإذا كان هذا هو الواقع، فينبغي هجر هذا القول، وعدم الاعتداد به، ولا ينبغي أن يزاحم به ما دل عليه الكتاب والسنة، ودرج عليه فقهاء الأمة من الأمر بإعفائها، ولا يعتبر هذا من الشبهات التي يطاع فيها الوالدان من دون مسوغ شرعي، وراجع للفائدة الفتوى: 225973.
والله أعلم.