عنوان الفتوى : أحكام من تنزل منها الكدرة قبل الدم وبعد انقطاعه
سؤالي عن الدورة الشهرية. تأتيني كدرة لمدة يومين إلى ثلاثة أيام، ثم ينزل الدم. ثم بعد ذلك تكون الكدرة، ويتخللها سائل شفاف، ثم تعود الكدرة وكلها داخل أيام الحيض 7-8 أيام.
فهل هذه الكدرة قبل الدم تعد حيضا؟ وهل السائل الشفاف الذي يتخللها يعد طهرا أم ماذا؟ علماً بأن علامة طهري نزول هذا السائل الشفاف.
وهل يعد هو نفسه من القصة البيضاء؛ لأني لا أرى القصة البيضاء بعد انتهاء فترة الحيض.
يستمر عندي نزول سائل ثخين أصفر اللون، وأحياناً تتخلله القصة البيضاء طول الشهر.
أفيدوني.
بارك الله في جهودكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن ما ترينه من اللون البني قبل أيام الحيض، هو ما يعرف عند العلماء بالكدرة، وهي إذا نزلت زمن الحيض، وصحبتها أعراضه؛ فتعتبر حيضا، وتمنع مما يمنع منه الحيض، على الصحيح.
جاء في كتاب الإنصاف: والصفرة والكدرة في أيام الحيض من الحيض -يعني في أيام العادة- وهذا المذهب، وعليه الأصحاب.
وحكى الشيخ تقي الدين وجها أن الصفرة والكدرة ليستا بحيض مطلقا. اهـ.
وقال النووي في المجموع: فرع: في مذاهب العلماء في الصفرة والكدرة: قد ذكرنا أن الصحيح في مذهبنا أنهما في زمن الإمكان حيض، ولا تتقيد بالعادة. ونقله صاحب الشامل عن ربيعة ومالك، وسفيان والأوزاعي وأبي حنيفة ومحمد وأحمد وإسحاق. انتهى.
وقال ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ في ذكر الحالات التي تعتبر فيها الكدرة حيضاً: أما إن كان هذا الوسخ جاء في أعقاب الحيض متصلاً بالحيض، أو في أول الحيض، أو في وقت الحيض؛ فإنه يعتبر حيضاً. انتهى من مجموع الفتاوى.
ومما سبق، يتبين لك أن هذا الذي ذكرتِ أنه يأتيك في أيام الحيض قبل نزول الدم، وأنه بلون بني؛ يعتبر من الحيض، ويأخذ أحكامه.
وكذلك ما ترينه من صفرة أو كدرة بعد انقطاع دم الحيض الصريح، فإنه يعتبر حيضا إن كان متصلاً بالدم قبل رؤية علامة الطهر، ما لم يتجاوز مجموع الدم، وما اتصل به من صفرة أو كدرة، خمسة عشر يوماً.
ولا عبرة بالسائل الشفاف الذي يتخلل الكدرة، فهو ليس علامة للطهر، وإنما تكون علامة الطهر بحصول الجفوف التام، أو نزول القصة البيضاء.
وأما ما نزل من الصفرة والكدرة بعد رؤية علامة الطهر، فلا يكون حيضاً؛ لحديث أم عطية -رضي الله عنها-:كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً. رواه أبو داود.
وكما ذكرنا سابقا، فإن المرأة تعرف الطهر من الحيض بإحدى علامتين: الجفوف، أو القصة البيضاء.
والجفوف هو أن تحتشي بالقطنة، فتخرج نقية. والقصة البيضاء ماء رقيق أبيض، يخرج عقب الحيض يعرف به انقطاعه.
وليس كل النساء ترى القصة، وصفة القصة البيضاء كما ذكر الفقهاء هي: ماء أبيض يشبه المني، وقيل يشبه البول.
ففي المنتقى على شرح الموطأ للباجي، ما نصه: والمعتاد في الطهر أمران:
القصة البيضاء: وهي ماء أبيض. وروى علي بن زياد عن مالك أنه شبه المني، وروى ابن القاسم عن مالك أنه شبه البول.
والأمر الثاني الجفوف: وهو أن تدخل المرأة القطن أو الخرقة في قبلها، فيخرج ذلك جافا، ليس عليه شيء من دم. انتهى.
فيجب على المرأة متى ما تحققت من رؤية الطهر بإحدى علامتيه السابقتين، أن تغتسل وتصلي.
والسائل الشفاف المذكور هو القصة البيضاء -فيما يظهر- وهو علامة على الطهر. فإذا نزل بعد انقطاع الدم؛ فاغتسلي وصلي.
والله أعلم.