عنوان الفتوى : تحصيل لذة العبادة والأنس بالطاعة
السؤال
أنا شاب عمري 21 سنة، بدأت المواظبة على الصلاة بداية السنة الجديدة، أي أني لم أترك فرضًا منذ 46 يومًا، بعد مرور سنوات كثيرة جدًّا دون صلاة، لكن المشكلة أن الصلاة ثقيلة جدًّا على نفسي، وأشعر بالملل والضيق منها، وبالكسل عند سماع الأذان، وبالضيق من مجرد التفكير في اضطراري للقيام لها خمس مرات في اليوم، وكنت أقول لنفسي: إن هذا الشعور سيزول مع الوقت؛ لأنك غير معتاد على الصلاة، ولكن لم يتغير شيء، مع العلم أنني أفعل كل شيء بصعوبة - المذاكرة، أو القيام من السرير لفعل أي شيء، أو حتى قراءة كتاب، أو مشاهدة فيلم، أو أي شيء ترفيهي عمومًا، وليس الصلاة فقط، ولكنه معها أكثر وأصعب وأثقل على نفسي-، وأشعر براحة بعد انتهائها، لكنها ليست الراحة التي يشعر بها المؤمن؛ بل لأنها انتهت، كأنني تخلصت من مسؤولية، وأنهيت واجبًا، ولا أحبّ هذا الشعور، ولا أريد أن يكون هذا شعوري الدائم تجاهها، وأنا لا أترك نفسي لهذا الشعور عمومًا، أي أنني أحاول فعل عكسه دائمًا، فلو كانت نفسي تريد إنهاء الصلاة بسرعة، فأطيلها، وهكذا، لكنني لست مرتاحًا، ولا أخشع معظم الوقت في الصلاة، وعندما أظن أنني خشعت لا أكون متأكدًا هل ذلك خشوع أم لا؛ لأن كل ما أفعله هو محاولة التركيز فيما أقوله، وفي معناه، لكنني لا أشعر بجمال العبادة، وأجاهد نفسي بشدة للقيام إلى الصلاة، وأشعر بإحباط شديد عند قراءة أي شيء متعلق بالصلاة والخشوع؛ لأنني أشك أنني لا أفعل شيئًا، وأشعر بإحباط أكثر عندما أقرأ عن "أمراض القلوب"، أو عن المواضيع التي تتحدث عن عدم رضا العبد عن نفسه، وعدم أمن العبد مكر الله، وأن على العبد مع ذلك أن لا يسيء الظن بالله، وأنا أعرف أن لا تناقض في هذا، وأن كل هذا التشويش بسبب جهلي بالدِّين، ولكني لم أعد أعرف بماذا يجب أن أشعر، وبماذا يجب أن أفكّر، وكل شعور سلبي يأتيني، أقول لنفسي: هذا من أمراض القلوب، ولا أستطيع الشعور بسعادة أداء الفروض، لأن العبد لا يجب أن يرضى عن نفسه، ولا أعلم كيف سأقضي صلوات ست سنوات وأنا أجاهد نفسي لخمس صلوات.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما ما بك من داء الكسل؛ فعليك أن تدعو لله تعالى أن يعينك على التخلّص منه؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوّذ من العجز، والكسل.
وعليك أن تغيّر أنماط سلوكك بما يطُرد عنك هذا الداء، ويجعلك نشيطًا طيب النفس.
وأما لذة العبادة، والأنس بالطاعة؛ فسيأتي ولا بدّ، ولكن عليك بالصبر، والمصابرة، ولا تستعجل، بل احمل نفسك على الطاعة حملًا، وجاهدها على فعل ما يحبّه الله تعالى؛ حتى تزول عنك تلك المشقة التي تجدها.
واعلم أنك مأجور على مجاهدة نفسك، وأنك ستجد العاقبة الحميدة لهذا كله، فلا تيأس، ولا تقنط من رحمة الله، وانظر لمزيد الفائدة الفتوى: 139680.
وأما الخشوع؛ فاحرص على أسباب تحصيله، وانظر الفتوى: 124712.
واعلم أن الخشوع ليس من شروط صحة الصلاة، ولا أركانها، فما دمت تأتي بأركان الصلاة على وجهها؛ فصلاتك صحيحة، وإن ذهب عنك بعض الخشوع.
وأما الصلوات المتروكة عمدًا؛ ففي وجوب قضائها خلاف، بيّناه في الفتوى: 128781.
ويسعك تقليد من تثق به من أهل العلم، وانظر الفتوى: 169801.
والله أعلم.