عنوان الفتوى : هل المرأة التي تلزم بيتها ولا تعمل يفوتها خير كثير؟
أنا فتاة أدرس، وأريد ألا أعمل في الخارج مستقبلًا، ما لم تدع الحاجة لذلك، وأنا أجتهد في دراستي، ولا أهملها، لكنني أريد مستقبلًا أن أجلس في البيت، وأهتمّ بما ينفعني، وأرعى زوجي وأبنائي، وألا أحتك بسوق العمل الخارجي.
أريد أن أحفظ نفسي فقط، وربما أعمل من المنزل، فهل أنا بهذا مقصّرة في سعيي في الدنيا، وليس لديَّ طموح، ومنغلقة -كما يقال-؟ وهل يفوتني بهذا أجر كبير، قد أحصله من عملي إن لم أعمل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليست المرأة مطالبة بالخروج من المنزل للعمل، ما دامت مكفيةً بنفقة من تلزمه نفقتها، ولزومها البيت خير لها من الخروج للعمل، ولا يفوتها أجرٌ بالقرار فيه، بل تؤجر على ترك الخروج؛ لأنها مأمورة شرعًا بالقرار في البيت؛ لقول الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33]، قال ابن كثير في تفسيره: وَقَوْلُهُ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} أَيِ: الْزَمْنَ بُيُوتَكُنَّ، فَلَا تَخْرُجْنَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ. اهــ.
وقال القرطبي في تفسيره: مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ الْأَمْرُ بِلُزُومِ الْبَيْتِ، وَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ لِنِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ دَخَلَ غَيْرُهُنَّ فِيهِ بِالْمَعْنَى. هَذَا لَوْ لَمْ يَرِدْ دَلِيلٌ يَخُصُّ جَمِيعَ النِّسَاءِ، كَيْفَ وَالشَّرِيعَةُ طَافِحَةٌ بِلُزُومِ النِّسَاءِ بُيُوتَهَنَّ، وَالِانْكِفَافِ عَنِ الْخُرُوجِ مِنْهَا إِلَّا لِضَرُورَةٍ!؟ اهــ.
والنظر إلى المرأة التي تلزم بيتها نظرة نقص، ووصفها بأنها لا فائدة منها، أو أنها منغلقة؛ كل هذا أثر من آثار التغريب، والغزو الفكري الغربي لبلاد المسلمين.
ولا ينبغي للمسلمة أن تلتفت إلى تلك الأصوات الخاطئة، ولتلزمْ بيتها، وتحافظ على دِينها.
وما ستفعله في بيتها من تربية أبنائها تربية صالحة؛ خير لها، ولبيتها، ولأمّتها.
وانظري الفتوى: 138193 في بيان أن قرار المرأة في بيتها أفضل، ومثلها الفتوى: 104254.
والله أعلم.