عنوان الفتوى : كيفية تعامل المرأة مع زملائها في العمل
أعمل في وظيفة مختلطة، وبحكم ما تربَّيت عليه، فإني أضع حدودًا للتعامل بيني وبين زملائي من الرجال، خاصة الشباب، وعلاقتي مقتصرة على مصالح العمل فقط، دون مزاحٍ، ودون كلام كثير بلا فائدة، ولكن الوضع مختلف مع زميلاتي.
وتكمن المشكلة في أن بعض الزملاء يصفونني بأني غير مرنة، ومعقّدة بعض الشيء؛ رغم أني لا أتأخر أبدًا في أداء أية مهمة تتعلق بالعمل، فهل تعاملي بهذا الشكل فيه مشكلة من الناحية الشرعية؟ وهل أنا ملزمة في العمل بالدخول لمكاتب الزملاء لإلقاء التحية أو الصباح؟ فأنا أكتفي بالسلام عند رؤيتهم بالصدفة، وليس بدخولي للمكاتب الخاصة بهم. جزاكم الله كل خير.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل في عمل المرأة أن يكون في مكان لا يختلط فيه الرجال بالنساء.
ولا شكّ في كون اختلاط النساء بالرجال الأجانب في أماكن العمل؛ باب فتنة وذريعة فساد، والواقع شاهد بمفاسد هذا الاختلاط، وما ترتب عليه من بلايا ومصائب.
وإذا احتاجت المرأة إلى العمل في مكان تخالط فيه الرجال؛ فعليها أن تقف عند حدود الله تعالى، وتراعي ضوابط الشرع في معاملة الرجال الأجانب؛ فعليها اجتناب الخلوة، والاختلاط المريب، والاقتصار في التعامل معهم على قدر الحاجة.
وعليه؛ فالواجب عليك الاقتصار في معاملة الرجال الأجانب على قدر حاجة العمل؛ وليس عليك أن تدخلي مكاتبهم لتلقي عليهم السلام.
وقد كان المفترض أن يكون سؤالك عن جواز ذلك، لا عن وجوبه، فقد نصّ أهل العلم على عدم جواز تَكَلُّم الشابة مع الأجانب بغير حاجة، ولو بمجرد إلقاء السلام، بل حرّم بعضهم عليها أن ترد السلام على الرجل الأجنبي إذا سلَّم عليها، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب الفقهاء إلى أنه لا يجوز التكلّم مع الشابة الأجنبية بلا حاجة؛ لأنه مظنة الفتنة، وقالوا: إن المرأة الأجنبية إذا سلّمت على الرجل -إن كانت عجوزًا- ردّ الرجل عليها لفظًا. أما إن كانت شابة يخشى الافتتان بها، أو يخشى افتتانها هي بمن سلَّم عليها، فالسلام عليها وجواب السلام منها حكمه الكراهة عند المالكية، والشافعية، والحنابلة، وذكر الحنفية أن الرجل يردّ على سلام المرأة في نفسه إن سلّمت عليه، وترد هي في نفسها إن سلم عليها. انتهى.
والراجح عندنا جواز إلقاء السلام، ورَدِّه بين النساء والرجال الأجانب عند أمن الفتنة، وتحريمه عند خوفها، فقد ذكر البخاري في صحيحه: باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال. قال ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: والمراد بجوازه أن يكون عند أمن الفتنة. انتهى.
فاحرصي على التمسّك بأحكام الشرع وآدابه، ولا تتهاوني في التعامل مع الأجانب بغير حاجة.
واجعلي غايتك رضا ربك، وصيانة نفسك، ولا تلتفتي لمن يتّبع هواه، ولا يبالي بضوابط الشرع، ومحاسن الأخلاق والآداب.
والله أعلم.