عنوان الفتوى : المدافع عن المظلوم مأمور بالتدرج بفعل الأخف فالأخف
اعتدى شخص على آخر بينما كان جالساً فى سيارة ولم يستطع الخروج منها، وأثناء ذلك جاء شخص ثالث وحاول إيقاف الذي يضرب حيث ضربه بسكين فى رجله، وبعد الإسعاف بشهر تبين ضرورة بتر الرجل وتم بتر الرجل، و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المضروب مظلوماً والضارب معتدياً ظالما،ً وكان المدافع عن المظلوم قد تدرج في دفع الظالم ففعل الأخف فالأخف، فلا يضمن ما حدث من جرح أو سراية، وإن خالف ذلك ضمن.
قال الإمام الشافعي في الأم: إن الله عز وجل منع دماء المسلمين إلا بحقها، وإن المسلمين لم يختلفوا فيما علمت أو من علمت قوله منهم في أن مسلماً لو أرادني في الموضع الذي لا يمنعني منه باب أغلقه، ولا قوة لي بمنعه ولا مهرب أمتنع به منه، وكانت منعتي منه التي أدفع عني إرادته لي إنما بضربه بسلاح، فحضرني سيف أو غيره كان لي ضربه بالسيف لأمنع حرمتي التي حرم الله تعالى عليه انتهاكها، فإن أتى الضرب على نفسه فلا عقل علي ولا قود ولا كفارة، لأني فعلت فعلاً مباحاً لي.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: ويجب الدفع للصائل (بالأخف) فالأخف (إن أمكن كالزجر) بالكلام أو الصياح، (ثم الاستغاثة) بالناس (ثم الضرب باليد ثم بالسوط ثم بالعصا ثم بقطع عضو ثم بالقتل)، لأن ذلك جوز للضرورة، ولا ضرورة في الأثقل مع إمكان تحصيل المقصود بالأخف، نعم لو التحم القتال بينهما وانسد الأمر عن الضبط سقط مراعاة الترتيب، كما ذكره الإمام في قتال البغاة، ولو اندفع شره كأن وقع في ماء أو نار أو انكسرت رجله، أو حال بينهما جدار أو خندق لم يضر به كما صرح به الأصل، وفائدة الترتيب المذكور أنه متى خالف وعدل إلى رتبة مع إمكان الاكتفاء بما دونها ضمن.... ومحله أيضاً في المعصوم وأما غيره كالحربي، والمرتد، فله العدول إلى قتله لعدم حرمته.... (فإن أمكن) دفعه به (بلا جرح) له (فجرح ضمن) بخلاف ما إذا لم يمكن (ومتى أمكنه الهرب أو التخلص) بنحو تحصن بمكان حصين أو التجأ إلى فئة (لزمه) ذلك، لأنه مأمور بتخليص نفسه بالأهون.
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في تحفة المحتاج: والدفع عن غيره مما مر بأنواعه (كهو عن نفسه) جوازاً ووجوباً، ما لم يخش على نفسه.
وفي الموسوعة الفقهية: إن قتل المصول عليه الصائل دفاعاً عن نفسه ونحوها، فلا ضمان عليه –عند الجمهور- بقصاص ولا دية ولا كفارة ولا قيمة، ولا إثم عليه، لأنه مأمور بذلك. وهذه فتوى منا بحكم المسألة ولكن معرفة واقعة الحال تحتاج إلى نوع استفصال وذلك إلى القضاء.
والله أعلم.