عنوان الفتوى : من حج بمال حرام أثم وصح حجه
أنا فلاح أفلح أرضي ثم أزرع الكيف وقد حصلت على أموال واشتريت بها عقارات وأحصل على ثمن كرائها وأردت أداء مناسك الحج، فهل أحج من هذا المال وجزاكم الله خيرا.
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فإذا كانت المادة التي تزرعها تذهب عقل مستعملها بحيث يصل إلى مرحلة الإسكار، فتعتبر خمرا تنطبق عليها أحكامها، لقوله صلى الله عليه وسلم: كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب لم يشربها في الآخرة. رواه مسلم.
والخمر هي أم الخبائث، وقد تواترت الأدلة الشرعية على تحريمها، ومن ذلك قوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90]
كما أن كل من شارك في تحصيلها واستعمالها قد حقت عليه اللعنة من الله ورسوله، ففي سنن أبي داود من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه.
وفي سنن الترمذي من حديث أنس بن مالك قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه، وساقيها وبائعها وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له.
وعليه، فإذا كانت هذه المادة مسكرة، فالمال الحاصل من ثمنها حرام.
وجمهور أهل العلم على أن الحج بمال حرام يأثم صاحبه، وحجه صحيح مسقط للواجب عنه، قال الإمام النووي في "المجموع": إذا حج بمال حرام أو راكبا دابة مغصوبة أثم، وصح حجه وأجزأه عندنا، وبه قال أبو حنيفة ومالك والعبدري، وبه قال أكثر الفقهاء، وقال أحمد: لا يجزئه، ودليلنا أن الحج أفعال مخصوصة والتحريم لمعنى خارج عنها. انتهى، وراجع الفتوى رقم: 7666، ويجب عليك التخلص من المال الحرام الناتج عن ثمن هذه المادة، وللتعرف على السبيل إلى ذلك، راجع الفتوى رقم: 3519.
وإذا كان لديك مال آخر من كسب مباح، فعليك أن تحج منه، لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا.
والله تعالى أعلم.