عنوان الفتوى : حكم شهادة من لم يشتر من الورثة
السؤال
والد حماي كان يمتلك أملاكا كثيرة، ومن أجل ألا تأخذ الدولة جزءًا منها كتب جزءًا باسم ابنه الكبير، ثم توفي حماي، فقام ابنه الكبير -أخو حماي- برفض توزيع الجزء المكتوب باسمه على إخوته من ضمن الميراث. علما بأن حماي كان يملك توكيلا عاما من كل إخوته، لكن بشرط ممنوع البيع، فأخبره المحامي أنه يمكن له عمل هبة بموجب التوكيل لكل واحد من إخوتك بمقدار الجزء الذي يمتنع أخوك عن إعطائكم إياه. وبالفعل قام بذلك، لكن حماي قام بعمل الهبة بالجزء الخاص به باسم حماتي -زوجته-.
لأنه لا يستطيع أن يهب لنفسه، فقام أخوه برفع قضية عليهم بأن عقود الهبة غير صحيحة، فطالب القاضي حماتي بالشهادة أن الورثة باعوا لها عن طريق الهبة، وأنها اشترت.
وهم بذلك لن يمسوا حق أخيهم؛ لأن حقه مكتوب باسمه من قبل وفاة أبيهم، والممتلكات التي نقلوها بالهبة هي مقدار ميراثهم بالضبط. لكن حماتي خائفة من شهادة زور؛ لأنها لم تشترِ منهم.
ونقطة أخرى: هم نقلوا بالهبة ما يعادل ما أخذه أخوهم، يعني لو أنه أخذ فدانا، فهم نقلوا فدانا لكل ولد، ونصفا للبنت، والباقي من التركة ما زال باسم والدهم، وسيوزع حسب الشرع.
فهل لو ذهبت حماتي أمام القاضي، وسألها: هل اشتريت من الورثة؟ وقالت: نعم، عملا بمبدأ الظفر بالحق يكون عليها وزر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لحماتك أن تشهد عند القاضي بأن الورثة باعوا لها ما كتب باسمها عن طريق الهبة؛ لكون ذلك من الزور المحرم، وقد قال تعالى: وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحج:30}.
وفي الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور. فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.
ثم إن ما كتب لحماتك لا يُعلم هل يساوي نصيب زوجها؟
وعلى كل، فيمكن لزوج حماتك أن يستخلص حقه بالطرق المشروعة. ومنها: التظلم إلى الجهات المختصة، ويمكن أيضا مشافهة أهل العلم بالمسألة، وإطْلاعهم على تفاصيلها؛ ليستفصلوا عما يحتاج إلى استفصال، ربما يطَّلِعوا فيها على مالا يُطَّلَع عليه من خلال السؤال عن بُعد.
والله أعلم.