عنوان الفتوى : بيع الوالد منزله لأحد أولاده مقابل مبلغ يدفعه لأمّه وبقية إخوته
السؤال
بعد إلحاح من أبي دام سنوات، قام بكتابة المنزل الذي يملكه، والذي نشأنا فيه أنا وإخوتي باسم أخي، مقابل مبلغ مالي يدفعه أخي لكافة أفراد العائلة كما يلي: لأمي: 50000 دينار، ولأبي: 50000 دينار، ولكل واحدة من أخواتي الأربع: 50000 دينار، ولأخي: 150000 دينار -اقتطعها من ثمن المنزل- ولي: 150000 دينار.
وسبب هذا التقسيم -على رأي أبي- أن أخواتي متزوجات؛ إلا أختًا واحدة مطلقة يكفلها أخي، ويقول أبي كذلك: إنه إذا مرض، فسيقوم به أولاده، وليس بناته.
استجاب أخي لدعوة أبي؛ لأنه ميسور الحال، وهو الوحيد القادر على الشراء، وأخي كريم، وقد سبق فضله على كافة أفراد العائلة.
وسبب إلحاح أبي على البيع الآن رغبته في تفادي المشاكل العائلية التي قد تتولد عند الميراث، ولرغبته في إنشاء مشروع فلاحي بجانب المنزل الريفي الذي يقضي فيه معظم وقته مع أمّي، وهذا التقسيم حدث بعد عدة اجتماعات بين أفراد العائلة، لم أكن فيها موجودًا؛ لأني أسكن في بلد آخر، لكنني لم أرفض التقسيم؛ على أن يكون موافقًا للشرع، وأخواتي كنّ موافقات على مبدأ البيع لأخي، وحصل توتر في بداية التقسيم بحجة أن قيمة المنزل أعلى، ولكنهنّ رضين بمبلغ الـ 50000 دينار في النهاية فيما أظن، وقد قام أخي بتسديد نصيب أمّي، وأبي، وأخت واحدة، فهل يجوز لي أن آخذ هذا المبلغ على شكل هبة أو عطية؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دامت كتابة بيت أبيك باسم أخيك في مقابل مال يدفعه الأخ للوالد، أو لمن يأمر الوالد بالدفع له؛ فهذا بيع، ومن حقّ الوالد أن يأمر، أو يتصرف في ثمن منزله الذي باع بما يشاء، لكن ما يهبه لأولاده يجب عليه التسوية فيه بينهم ذكورهم وإناثهم -ما لم يكن هناك سبب يقتضي تفضيل بعضهم- على القول الراجح عندنا، كما بيناه في الفتوى: 6242.
وبعض أهل العلم يرى أن العدل في هبة الأولاد يكون بإعطاء الذكر ضعف الأنثى على صفة الميراث، علمًا أن من صور الإيثار محاباة الوالد لولده في البيع، وتراجع الفتوى: 45188.
لكن على أيَّة حال، فإنّه إذا رضي جميع الأولاد الراشدين -كما ذكرت- بتفضيل بعضهم في الهبة؛ فلا حرج في ذلك، قال الرحيباني -رحمه الله-: وَحَلَّ لِمَنْ ذُكِرَ -مِنْ أَبٍ، وَأُمٍّ، وَغَيْرِهِمَا- تَفْضِيلٌ لِبَعْضِ أَقَارِبِهِ الَّذِينَ يَرِثُونَهُ بِإِذْنٍ بَاقٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَحْرِيمِ التَّخْصِيصِ كَوْنُهُ يُوَرِّثُ الْعَدَاوَةَ، وَقَطِيعَةَ الرَّحِمِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ مَعَ الْإِذْنِ. اهـ مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى.
وعليه؛ فإن كانت أخواتك راضيات بقسمة العطية على الوجه المذكور؛ فلا حرج عليك في قبول ذلك، وراجع الفتوى: 28274، والفتوى: 115094.
والله أعلم.