عنوان الفتوى : آداب تدريس المذاهب الفقهية
السؤال
جزاكم الله خيرا على مجهوداتكم التي ينتفع بها المسلمون، وجعلها الله تعالى في ميران حسناتكم.
السؤال: إذا تولى شخص إمامة مسجد، والدولة في بلده تلزم اتباع المذهب المالكي. هل يجب على الإمام الالتزام به، أو ببعضه في دروسه الفقهية أم لا يلزمه ذلك، وعليه أن يتحرى ما كان أقرب للدليل في نظره؟ خصوصا أنه يرى أن المذهب الحنبلي قريب من الدليل، خصوصا في فقه الصلاة -وهذا ليس حطا من قيمة المذهب المالكي- إضافة إلى أن العلماء المعاصرون، المعروفون اعتنوا بفقه المذهب الحنبلي، وبينوا الراجح منه.
فبهذا الاعتبار هل إذا اعتمد هذا الإمام متنا من متون الفقه الحنبلي في دروسه الفقهية كزاد المستقنع مثلا -من غير إحداث فتنة- يعتبر عاصيا شرعا خارجا عن ولي الأمر، ويعتبر راتب إمامته مشبوها أم يجوز له ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يترتب على تدريس فقه الحنابلة نزاع وخصومة بين الناس، ولم تمنع الوزارة الأئمة من تدريسه؛ فإنه لا حرج على الإمام في تدريس فقه الحنابلة.
وكل هذه المذاهب الفقهية مذاهب معتبرة، وتخدم الفقه الإسلامي، ولكن ينبغي للإمام أن يتحلى بالحكمة في تدريسه، فالعامة من الناس إذا سمعوا قولا يخالف ما يتعبدون به، فإنهم يستنكرونه، وربما شغبوا على من قال به.
فينبغي للإمام أن يحرص أولا على تعليمهم وتربيتهم على أدب الخلاف في المسائل الفقهية، وأن الصحابة اختلفوا في كثير من تلك المسائل، ولم يكن خلافهم سببا للشقاق والقطيعة.
ولو درَّسهم متنا في فقه المالكية، لكان ذلك أولى وأفضل -فيما نرى- وما يرى أنه مرجوح مما في ذلك المتن، فلن يعدم قولا في المذهب يوافق ما يراه راجحا، وإن لم يكن هو المذهب، فيذكر للحضور تلك الأقوال وأدلتها، ولن يروا حينئذ أنه خرج عن المذهب.
والله أعلم.