عنوان الفتوى : سداد ديون الأقارب
السؤال
أخي كان يعمل في تجارة العقارات، وتفاجأنا أن عليه ديونًا كثيرة بسبب مبالغ قد أخذها من أشخاص لتشغيلها في العقارات، وبدأ أصحاب الديون يأتوننا في المنزل، ويطلبون منا سداد ديون أخي، وهي كبيرة جدًّا.
وعندما سألت أخي عن سبب كل هذه الديون، قال: إنها خسارة في البيع، لكن أخي منذ أن عمل في تجارة العقارات تغير حاله، وأصبح يصرف المال بجنون في شراء السيارات، والملابس، وتزوج أيضًا على زوجته الأولى، رغم أنه لم يوفّر لها هي وأطفاله مسكنًا؛ ولذلك هم يعيشون مع أبي وأمي.
قام أصحاب الديون بتهديدي أنا وأبي، وأنه يجب علينا دفع دَين أخي، وإلا فسوف يُسجن، ونتعرض نحن لأذى منهم، وبالفعل حاول شخص منهم خطف بنت أخي.
ولنتخلص من هذه المشاكل باع أبي شقته، وكنت أملك شقتين لأجل أولادي حين يكبرون، فبعتهما، وبعتُ أثاث المنزل؛ حتى نسدد الديون، ولم يفِ كل ذلك بربع الدَّين.
وكل ما يأتيني من دخل الآن أدفعه لأصحاب الديون، وأعيش أنا وأبي بالإيجار، وقد تعبت من الديون، وأعتقد أنه من الصعب عليّ دفعها كلها، فلو توقفت عن دفع هذه الديون، فهل أكون متخليًا عن أخي؟ مع العلم أنه يقول لي دائمًا إنه ندم على ما فعل، ولو استمررت في دفعها، فهل أكون مضيعًا حق زوجتي وأولادي؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمكم شرعًا سداد دين أخيكم، ولا إثم عليكم في ترك سداده؛ فإنّ القريب لا يلزمه سداد دين قريبه، ولو كان والدًا، قال الحطّاب -رحمه الله- في مواهب الجليل: وَدَيْنُ أَبِيهِ لَيْسَ عَلَيْهِ حَالًّا، وَلَا مُؤَجَّلًا. انتهى. وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: لأن الديون لا يلزم القريب أن يقضيها عن قريبه. انتهى من مجموع فتاوى ابن باز.
لكن تبرعكم بسدادها أمر محمود، ولا يعد تضييعًا لحقّ الزوجة والأولاد؛ بشرط ألا يمنعكم سدادها من النفقة عليهم بالمعروف؛ فإنّ النفقة على الزوجة والأولاد مقدمة على النفقة على غيرهم ممن تجب له النفقة، فكيف إذا قدمت على غير واجب!
والله أعلم.