عنوان الفتوى : حكم الاستنابة عمن لزمه الحج ثم جن
هل يجوز أن تحج البنت عن والدتها بسبب إصابتها بالجنون؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يجوز لك أن تحجي عن أمك التي أصيبت بالجنون في حياتها، لأن الجنون غير مأيوس منه، فإذا ماتت وتركت من المال ما يمكن أن يُحج به عنها وجب على وليها توكيل من يحج عنها من مالها ويقدم ذلك على ديون الخلق والكفارات وغيرها، وهذا مذهب الشافعية.. وحجتهم قوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق بالقضاء. والحديث متفق على صحته، فإن لم يخلف من المال ما يمكن أن يحج به ندب لوليه أن يحج عنه ولا يجب. قال الشافعي في الأم: وإذا مات الرجل، وقد وجبت في ماله زكاة وعليه دين، وقد أوصى بوصايا أخذت الزكاة من ماله قبل الدين والميراث والوصايا. وقال ابن حزم في المحلى: ومن مات وهو مستطيع بأحد الوجوه التي قدمنا حُجَّ عنه من رأس ماله واعتمر ولا بد مقدماً على ديون الناس إن لم يوجد من يحج عنه تطوعاً سواء أوصى بذلك أو لم يوص بذلك. -وقال ابو حنيفة ومالك : لا يحج عنه إلا أن يوصي بذلك فيكون من الثلث. برهان صحة قولنا- : قول الله تعالى في المواريث: من بعد وصية يوصي بها أودين فعم عز وجل الديون كلها. وقال: وحقوق الله تعالى مقدمة على حقوق الناس فيبدأ بما فرط فيه من زكاة أو كفارة في الحي والميت وبالحج في الميت، فإن لم يعم: قسم ذلك على كل هذه الحقوق بالحصص لا يبدى منها شيء على شيء. قال الإمام النووي في المجموع: وإذا اجتمع في تركة الميت دين الله تعالى ودين الآدمي كزكاة وكفارة ونذر وجزاء صيد وغير ذلك، فيه ثلاثة أقوال مشهورة ذكرها المصنف بأدلتها (أصحها) يقدم دين الله تعالى (والثاني) دين الآدمي (والثالث) يستويان فتوزع عليهما بنسبتهما. قال الإمام النووي في المجموع: الجنون غير مأيوس من زواله، قال صاحب الشامل والأصحاب: فإذا وجب عليه الحج، ثم جن لا يستناب عنه، فإذا مات حج عنه، وإن استناب وحج عنه في حال حياته ثم أفاق لزمه الحج قولاً واحدا. .ا.هـ قال شيخ الإسلام زكرياء في أسنى المطالب: ولا تصح استنابة عمن لزمه الحج ثم جن، لأنه قد يفيق فيحج بنفسه، فلو استناب عنه وليه، ولم يكن به عضب فمات قبل الإفاقة لم يجزه، ولا عن مريض يرجى زوال مرضه، وإن اتصل مرضه بالموت لأنه يتوقع مباشرته له. والله أعلم.