عنوان الفتوى : نية إعادة قضاء الصيام هل تعدّ نذرًا؟
السؤال
ابتلاني الله بذنب منذ صغري، ومنَّ الله عليّ بالتوبة النصوح منه منذ سنتين، وقد عزمت تأكيدًا لتوبتي أن أعيد صيام جميع الأيام التي كنت قد أفطرتها في رمضان بسبب الحيض، مع العلم أني كنت قد قضيتها جميعًا في وقتها، ولكني أريد أن أعيدها وأنا تائبة، أملًا في أن يتقبل الله توبتي، ويعفو عني ما مضى.
عمري الآن 24 عامًا، وعندما حسبت الأيام بما غلب على ظني، وجدتها 200 يوم، فصمت منها 13 يومًا، ودفعت الكفارة عن 50 يومًا منها، ويعلم الله كم يشق عليّ الآن صيامها، فقد ابتلاني الله بمرض الغدة الدرقية في هاتين السنتين الأخيرتين، مع نقص في الحديد، والفيتامين دال، وأيضًا اضطراب القلق (anxiety)، مع بعض الأعراض النفسية الأخرى بسبب ظروفي الصعبة منذ الصغر، وقد شفيت من الغدة، ونقص الفيتامينات بنسبة كبيرة جدًّا، لكن الحالة عندي مضطربة، وتعاودني الأعراض من حين لآخر؛ مما أدى إلى ضعف في جسدي لم يكن عندي من قبل، ولم أعد أقدر على بذل أي مجهود، بما في ذلك الصيام، فماذا أفعل في حالتي هذه؟ وهل ما زال يجب عليّ صيامها كما نويت؟ وهل يجوز عند إطعامي للمساكين أن أشتري لهم الطعام الذي يكفيهم وعائلتهم (من أرز، وخضار، ودجاج، ولبن)؟ علمًا أنهم في أمسّ الحاجة لهذا الطعام، أم لا يجوز سوى الأرز؟ شكرًا جزيلًا لكم، وجزاكم الله خيرًا، وأرجو أن تدعو لي بالثبات، وأن يرضى الله عني.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك، ويعافيك من كل سوء ومكروه.
واعلمي أن المطلوب شرعًا ممن أفطر في رمضان أن يقضي بعدد الأيام التي أفطرها؛ لقول الله تعالى: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة:184}، أي: فعليه قضاء أيام أخر بعدد ما أفطر، قال القرطبي: قَوْلُهُ: "فَعِدَّةٌ" يَقْتَضِي اسْتِيفَاءَ عَدَدِ مَا أَفْطَرَ فِيهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ أَفْطَرَ بَعْضَ رَمَضَانَ، وَجَبَ قَضَاء مَا أَفْطَرَ بَعْدَهُ بِعَدَدِهِ. اهــ.
وحتى من أفطر لغير عذر، لا يطالب بقضاء أكثر مما أفطره، فقضاء أكثر من ذلك، كقضاء يومين عن كل يوم، هذا غير مشروع، والتزام ذلك ربما يكون إلى البدعة أقرب؛ لأنه زيادةٌ في دين الله تعالى، وتشريعٌ لما لم يأذن به الله.
فلا يشرع لك -أيتها السائلة- أن تُعيدي قضاء تلك الأيام إذا كنت قد قضيتِها على الوجه الصحيح.
ونيتك إعادة قضائها، لا تعد نذرًا، فلا يلزمك قضاؤها، ولا دفع كفارة.
ونوصيك بتقوى الله تعالى، وتجديد التوبة كل حين، والإكثار من الأذكار، والدعاء.
والله أعلم.