عنوان الفتوى : إعطاء المستثمر مبلغًا شهريًّا ثابتًا
السؤال
أنا صاحب شركة تجارة عامة في ماليزيا، ومؤخرًا قمت بإطلاق فكرة استثمار مستهدفًا الطلاب العرب في ماليزيا، ألخصها فيما يلي:
جاءتني الفكرة بعدما رأيت معاناة الطلاب هنا في مسألة المصروف -الراتب الشهري-؛ إذ اعتادت أسر الطلاب على تحويل مبالغ شهرية لأبنائها، ويتأثر المبلغ جرّاء المعاملات البنكية التي يقتضيها أي تحويل.
فكانت فكرتي أن يساهم المستثمر -أو الطالب- برأس المال فقط على ثلاث فئات (20، 30 و 50 ألف ريال سعودي)، كلٌّ بحسب إمكانياته، وإمكانيات أسرته، وأقوم أنا بالمتاجرة بهذا المال في صفقات تجارية مدروسة مسبقًا، وأثبتت جدواها لسنوات (تجارة في الأحذية، والحقائب، وغيرها من المنتجات سريعة البيع، ومضمونة العائد فيما بين دول شرق آسيا، والخليج، وأفريقيا).
بعد استلام المبلغ من المستثمر، وتوقيع العقد معه، أقوم بتحديد مبلغ ثابت للأرباح المتوقعة على حسب مبلغ الاستثمار، وأعطيه للمستثمر كراتب شهري، ويبدأ ذلك بعد شهرين من استلام مبلغ الاستثمار، وفي آخر العام أقوم بمراجعة الحسابات، وتسليم المستثمر أية زيادة مستحقة.
أهمية تحديد المبلغ الثابت الشهري للطالب جاءت من كونه يعتمد على هذا المصروف، وليس من مصلحته أن يكون متذبذبًا بحسب مبيعاتنا في كل شهر.
بإمكان المستثمر أن يسحب رأس المال في أي وقت شاء، وأستطيع القول والتأكيد على أن هامش الربح في هذه الصفقات التي أقوم بها يضمن لي -بإذن الله- أن أعيد للمستثمر رأس ماله على الأقل حتى في حال الخسارة، والكل مستفيد.
بالنسبة لجانب المصانع والجهات التي أشتري منها: فإننا نشتري البضائع من مصانع، أو تجار جملة، ونتعامل معهم بالدفع نقدًا.
بالنسبة للمصانع: ندفع مقدمًا 30% من قيمة البضاعة المطلوبة لتأكيد الطلبية، وندفع الباقي بعد اكتمال التصنيع.
وعند تعاملنا مع الزبائن، والموزعين، فإننا نتعامل بالنقد، أو الآجل، على حسب علاقتنا مع الزبون، أو الموزّع.
وأحيانًا نعطي المستثمر أرباحه المتوقعة، أو المتفق عليها قبل اكتمال عملية البيع؛ لضمان وصول المرتّب الشهري للطالب -المستثمر- في موعده، فهل ترون أي مانع شرعي في طريقة إدارتنا لهذا المشروع؟ جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقولك: "أقوم بتحديد مبلغ ثابت للأرباح المتوقعة على حسب مبلغ الاستثمار":
إن كان المقصود به ضمان ربح معلوم للمستثمر، فهذا لا يصح.
وأما لو كان المقصود تحديد نسبة من الربح، إن حصل ربح، ولكنك تعطي للطالب مبلغًا شهريًّا تحت الحساب: فإذا تم الحساب، نظر فيما يستحق، فإن كان قد حصل ربح، نظر فيما أعطي للطالب: إن كان بقي له شيء، أعطيه، وإن كان قد أعطي أكثر مما يستحق لقلة الربح، فيرجع عليه بذلك، فهذا لا حرج فيه، جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي: يستحق الربح بالظهور، ويملك بالتنضيض، أو التقويم، ولا يلزم إلا بالقسمة. وبالنسبة للمشروع الذي يدرّ إيرادًا أو غلة، فإنه يجوز أن توزع غلته، وما يوزع على طرفي العقد قبل التنضيض (التصفية)، يعتبر مبالغ مدفوعة تحت الحساب. اهـ.
وكونك تستطيع تقدير الربح بحسب الخبرة، والاحتياط في الاستثمار، لا يبيح ضمان ربح معلوم، ولا ضمان رأس المال، بل يتفق في العقد على أن لربّ المال نسبة من الربح، كثلثه أو نصفه، إن حصل ربح، ويتحمل الخسارة في رأس ماله- إن وجدت- من غير تفريط، ولا تعد من العامل في المال، فيراعى ذلك في العقد بينك وبين أصحاب المال، جاء في المنتقى شرح الموطأ: قال مالك: في الرجل يدفع إلى الرجل مالًا قراضًا (مضاربة)، ويشترط على الذي دفع إليه المال الضمان، قال: لا يجوز... لأن شرط الضمان في القراض باطل. انتهى.
وما ذكر في السؤال حول كيفية التعامل مع أصحاب البضائع، لا يؤثر في معاملة المضاربة، من حيث الجملة.
والله أعلم.