عنوان الفتوى : شبهتان باطلتان وجوابهما
قرأت في موقع علي النت أن من أخطاء القرآن القول في سورة مريم (يا أخت هارون.....) مع العلم بأن بينهما حوالي 1600 سنة تقريبا أرجو الإيضاح. أيضا أن من ضمن الأخطاء قصة سيدنا نوح حين نادى ابنه وأن ابنه غرق وأن ذا أيضا خطأ لأنه ذكر في التوراة أن سيدنا نوحا نجا وجميع أهله حتى زوجته . وأخيرا الرجاء الاطلاع على الموقع www.thequran.com
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن من الواجب اعتقاد أن القرآن الكريم معصوم من الخطأ والاختلاط، والأدلة على ذلك كثيرة، منها قوله تعالى: وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:41-42]. وقوله سبحانه: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء: 82]. إلى غير ذلك من النصوص الدالة على بطلان وكذب ما نسبه أهل هذا الموقع إلى القرآن العظيم، وإليك توضيح ذلك: فأولا: قولهم: إن القرآن ذكر أن مريم أخت هارون فهذا ثابت، لكن توجد مجموعة أدلة تؤكد أنه لا يقصد به هارون أخا موسى، منها: أن القرآن تحدث عن قصة نذر مريم ما في بطنها ووضعها لمريم، ثم عمن عاصر مريم من الأنبياء وهو زكريا عليه السلام، كل هذا برهان ساطع على أنه لا يريد هارون أخا موسى. ومن الأدلة كذلك: ما في صحيح مسلم عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: لما قدمت نجران سألوني فقالوا: إنكم تقرأون: "يا أخت هارون" وموسى قبل عيسى بكذا وكذا، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن ذلك، فقال: إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين من قبلهم. أما ادعاؤهم أن الله تعالى نجى ولد نوح وامرأته من الغرق، فذلك محض افتراء، لأن وعد الله تعالى لنوح بنجاة أهله مشروط بمن كان منهم مؤمنا، ومعلوم أن زوجة نوح وولده "يام" غير مؤمنين. قال الله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ [هود: 40]. قال ابن كثير في تفسيره: أي واحمل فيها أهلك وهم أهل بيته وقرابته إلا من سبق عليه القول منهم ممن لم يؤمن بالله، فكان منهم ابنه "يام" الذي انعزل وحده وامرأة نوح، وكانت كافرة بالله ورسوله. أما ادعاء أصحاب هذا الموقع أن هذا يخالف ما في التوراة من نجاة أهل نوح جميعا بمن فيهم زوجته وابنه المذكور، فهذا لا يغير شيئا من هذه الحقيقة التي قص الله علينا في القرآن، وذلك لأنه قد ثبت لدينا بنص كتاب الله عز وجل "القرآن" أن التوراة قد وقع فيها التحريف والتبديل من طرف كتبتها، وعليه، فلم تعد مصدرا يحتج به. وننبه السائل هنا إلى مسألة مهمة وهي أنه لا يجوز له ولا لغيره من المسلمين -ممن لم تكن لهم القدرة على رد هذه الشبه والأباطيل- أن يتصفحوا هذا النوع من المواقع، التي يبدو أن الغرض منها تشكيك المسلمين في معتقداتهم وأمور دينهم. والله أعلم.