عنوان الفتوى : هل يلزم المرتد إذا تاب قضاء ما تركه من صيام قبل الردة؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

شخص ارتد عن الإسلام ثم رجع، وكان عليه قبل ردته قضاء صيام، فهل يجب عليه القضاء، أم يسقط عنه باعتبار أن الإسلام يهدم ما قبله؟ وهل يشمل الحكم الأيام التي يشك بثبوتها بذمته، التي فعل فيها أموراً لا يعلم هل تفطره أم لا.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

أولا:

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

فمذهب المالكية: أن المرتد إذا أسلم لا يلزمه قضاء ما تركه من صلاة أو صيام قبل ردته، فهو في ذلك كالكافر الأصلي.

وقيدوا ذلك بما إذا لم يرتد ليسقط القضاء، فإن فعل ذلك لم يسقط القضاء؛ عقابا له بنقيض قصده.

قال الخرشي في شرح قول خليل: "وأسقطت صلاة وصياما وزكاة وحجا تقدم" :

" يعني أن المكلف إذا فرط في العبادات قبل ردته من صلاة , أو صيام , أو زكاة , ثم تاب ورجع للإسلام , فإنه لا يؤمر بقضاء ذلك , وتسقط عنه ; لأن الإسلام جبّ ما قبله , وصار كالكافر الأصلي يسلم الآن , ولم يُجزه ما فعله قبل الردة من الحج , بل عليه حجة الإسلام... وينبغي أن تقيد هذه الأمور بما إذا لم يقصد بالردة إسقاطها, وإلا لم تسقط؛ معاملة له بنقيض قصده" انتهى من "شرح الخرشي على خليل" (8/ 68).

وذهب الجمهور إلى وجوب قضاء ما تركه قبل ردته.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (22 /201): " فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُرْتَدِّ الَّذِي تَابَ صَلاَةٌ فَائِتَةٌ ، قَبْل رِدَّتِهِ أَوْ صَوْمٌ أَوْ زَكَاةٌ فَهَل يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ ؟

ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ ؛ لأِنَّ تَرْكَ الْعِبَادَةِ مَعْصِيَةٌ ، وَالْمَعْصِيَةُ تَبْقَى بَعْدَ الرِّدَّةِ " انتهى .

ثانيا:

ليس على المرتد إذا تاب قضاء ما تركه من صلاة أو صيام زمن الردة ؛ لأن التوبة تهدم ما قبلها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"فَأَمَّا الْمُرْتَدُّ : فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا تَرَكَهُ فِي الرِّدَّةِ مِنْ صَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَصِيَامٍ فِي الْمَشْهُورِ ، وَلَزِمَهُ مَا تَرَكَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ فِي الْمَشْهُورِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (22/10).
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
هل على المرتد قضاء الصلاة والصيام إذا عاد إلى الإسلام وتاب إلى الله ؟
فأجاب : " ليس عليه القضاء ، ومن تاب : تاب الله عليه، فإذا ترك الإنسان الصلاة ، أو أتى بناقض من نواقض الإسلام ، ثم هداه الله وتاب : فإنه لا قضاء عليه .
هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم ؛ لأن الإسلام يجب ما قبله ، والتوبة تهدم ما كان قبلها ...
قال الله سبحانه وتعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ  ؛ فبين الله سبحانه وتعالى أن الكافر إذا أسلم غفر الله له ما قد سلف .
والنبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التوبة تجب ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله ) " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (29/ 196) .
وينظر جواب السؤال رقم : (197247 ) .
والله أعلم.