من أقوال السلف في العشر الأواخر من رمضان
مدة
قراءة المادة :
8 دقائق
.
من أقوال السلف في العشر الأواخر من رمضان الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ أما بعد:
ففي صحيح مسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره)).
فطوبى لعبدٍ إذا دخل رمضان جدَّ واجتهد في العبادة والطاعة، فإذا دخلت العشر، زاد في الجد والاجتهاد.
للسلف رحمهم الله أقوال في العشر الأواخر من رمضان، يسَّر الله فجمعت بعضًا منها، أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.
أقسم الله عز وجل بالعشر الأواخر من رمضان في قول لبعض السلف:
• عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى: ﴿ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 2]، قال: هي العشر الأواخر من رمضان.
• قال الإمام ابن عطية الأندلسي رحمه الله: اختلف الناس في الليالي العشر...
قال الضحاك: هي العشر الأواخر من رمضان.
• قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: قوله: ﴿ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 2] فيها أربعة أقوال...
الثاني: أنها العشر الأواخر من رمضان.
• قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى: قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 2] هي على الصحيح: ليالي عشر رمضان، أو عشر ذي الحجة، فإنها ليال مشتملة على أيام فاضلة، ويقع فيها من العبادات والقربات، ما لا يقع بغيرها.
ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة:
• سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عن عشر ذي الحجة، والعشر الأواخر من رمضان، أيهما أفضل؟
فأجاب: أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة.
• قال العلامة ابن القيم رحمه الله: وإذا تأمَّل الفاضل اللبيب هذا الجواب، وجده شافيًا كافيًا، فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة، وفيها يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم التروية.
وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء، التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها، وفيها ليلة خير من ألف شهر.
فمن أجاب بغير هذا التفصيل لم يمكنه أن يُدلِيَ بحُجَّة صحيحة.
تعظيم السلف للعشر الأواخر من رمضان:
• قال الإمام السيوطي رحمه الله: أخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة عن أبي عثمان قال: كانوا يعظِّمون ثلاث عشرات: العشر الأوائل من المحرم، والعشر الأوائل من ذي الحِجَّة، والعشر الأخير من رمضان.
فضل العشر الأواخر من رمضان:
• قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: العشر الأواخر من رمضان هي أفضل الشهر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص هذه العشر بأعمال جليلة لأنها ختام العشر، ولأنها ليالي الإعتاق من النار، ولأنها تُرجى فيها ليلة القدر أكثر من غيرها.
الاجتهاد في العبادة إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدَّ مِئْزَره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله)).
• قال الإمام الخطابي رحمه الله: قولها: (شد مئزره) معناه: هِجران النساء، ويحتمل أن تكون قد أرادت أيضًا الجد والانكماش في العبادة.
• قال الإمام النووي رحمه الله: في هذا الحديث أنه يُستحَب أن يُزاد من العبادات في العشر الأواخر من رمضان، واستحباب إحياء لياليه بالعبادات.
• قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: (أحيا ليله)؛ أي: سهره فأحياه بالطاعة، وأحيا نفسه بسهره فيه؛ لأن النوم أخو الموت.
• قال العلامة العثيمين رحمه الله: (شد المئزر)، هل هذا كناية عن عدم إتيان النساء، أو كناية عن المبالغة في الاجتهاد؟ نقول: الأمران واقعان.
• عن أبي أسامة عن عيينة بن عبدالرحمن عن أبيه قال: كان أبو بكرة يصلي في رمضان كصلاته في سائر السنة، فإذا دخلت العشر اجتهد.
• قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله: أحبُّ إليَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ويجتهد فيه.
الاغتسال والتطيُّب في ليالي العشر، أو في بعضها:
• قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: قال ابن جرير: كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر، وكان النخعي يغتسل في العشر كل ليلة، ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر، ورُويَ عن أنس رضي الله عنه أنه إذا كان ليلة أربع وعشرين اغتسل وتطيب، ولبس حلة إزارًا ورداءً.
طول ليالي العام على المحبين لانتظار ليالي العشر:
• قال الإمام ابن رجب رحمه الله: المحبون تطول عليهم الليالي، فيَعُدونها؛ لانتظار ليالي العشر في كل عام، فإذا ظفِروا بها، نالوا مطلوبهم، وخدموا محبوبهم.
التهنئة بدخول العشر:
• سُئل العلامة ابن باز رحمه الله: هل وَرَدَ أن السلف كانوا يهنئ بعضهم بعضًا بدخول العشر؟ فأجاب: ما أتذكر شيء، لكنها عشر عظيمة، التهنئة بها مهمة، إذا كان يُهنَّأ بولده، بزواجه، ببناء بيته، فهذه أكبر وأعظم وأنفع، إدراكها نعمة عظيمة.
إيقاظ الأهل في العشر الأواخر:
• عن مجاهد رحمه الله، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان يوقظ أهله في العشر في العشر الأواخر.
• عن الأسود بن يزيد رحمه الله، عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت توقظ أهلها ليلة ثلاث وعشرين.
• عن عبيدالله بن أبي يزيد رحمه الله، أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يرش على أهله الماء ليلة ثلاث وعشرين.
• قال سفيان الثوري رحمه الله: أحب إليَّ إذا دخل العشر الأواخر أن يجتهد...
ويُنهِض أهله وولده إلى الصلاة، إن أطاقوا ذلك.
• قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: مما كان صلى الله عليه وسلم يخص به هذا العشر أنه كان يوقظ أهله، وكل صغير وكبير يطيق الصلاة، فهذا فيه أنه ينبغي للمسلمين أن يوقظوا أهلهم وصبيانهم وأولادهم للصلاة مع المسلمين، والمشاركة في العبادة، ليحصلوا على الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى.
الأعمال التي تُحيا بها ليالي العشر:
• قال الإمام ابن رجب رحمه الله: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءة مرتلة، لا يمر بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية عذاب إلا تعوَّذ، فيجمع بين الصلاة، والقراءة، والدعاء، والتفكر، وهذه أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر، وغيرها، والله أعلم.
• قال العلامة العثيمين رحمه الله: إذا كان الإنسان في ليالي العشر يقرأ القرآن، ويذكر الله، ويتعشى، ويتسحر، ويصلي قلنا: إنه إحياء الليل.
الحرص على مضاعفة الجهود في العشر الأواخر من رمضان:
• قال العلامة ابن باز رحمه الله: المشروع للمؤمنين التأسِّي بنبيهم عليه الصلاة والسلام، وأن يختموا هذا الشهر الكريم بالعناية بهذه العشر، والحرص على مضاعفة الجهود فيها.