عنوان الفتوى : كيف تزكي ذهبها الغائب الذي تجهل مقداره؟
أريد ان أزكي ما لدي من قلائد وأسوار ذهب، لكنها ليست لدي الآن، ولا أستطيع الوصول إليها حاليا، وقد حال عليها الحول، ولا أذكر كم كنت أخرج زكاة، فهل أستطيع أن أزكيها على سعر المبلغ الذي أذكر أني اشتريتهم به، وأزيد عليه من باب الاحتياط؟
الحمد لله.
أولا:
ينبغي النظر إلى سبب بعدك عن هذا الحلي:
فإما أن يكون على وجه يجعل تملكك له غير مستقر، كأن يكون في يد مغتصب له أو نسيت مكانه ونحو هذا، ففي هذه الحال لا يلزمك زكاته، إلا بعد أن تسترجعيه ويستقر امتلاكك له.
وأما إن كان على وجه لا يخل باستقرار ملكيتك لهذا الحلي، بأن يكون في مكان محفوظ ولك القدرة على قبضه متى أردت، ففي هذه الحال يجب إخراج زكاته إذا حال الحول، لتوفر شرط وجوب الزكاة وهو ملكية النصاب.
لكن إن كان ليس بيدك، بل بيد غيرك، من غير إذنك ولا اختيارك؛ فيجوز تأخير زكاته إلى أن يحصل استلامه.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (143816).
وأما إن كان بيدك وتحت ملكيتك الكاملة، ولم تتسلط عليه يد غيرك، أو كان تحت يدك بإذن منك، أو لمصلحتك، وبعدك عنه باختيارك، كسفر مثلا، وعندك السيولة المالية الكافية لإخراج مقدار زكاته، فيجب إخراج الزكاة في هذه الحال وعدم تأخيرها، لتوفر شرط وجوب إخراج الزكاة، من ملكية النصاب ملكية تامة. والقدرة على إخراجها.
ثانيا:
تخرج زكاة الحلي على حسب قيمته يوم إخراج الزكاة ، وليس على حسب الثمن الذي اشتريت به.
سُئلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء":
" كيف أخرج زكاة الحلية؟ حيث إني قبل سنة أخذت الذهب بثلاثة آلاف، لكنه اليوم القيمة مضاعفة، فهل أخرج الزكاة على ثمن الشراء أو على سعر الذهب في الوقت الحاضر؟
الجواب: عليك إخراج زكاة ما لديك من حلي الذهب حسب سعره يوم حال عليه الحول ووجبت فيه الزكاة، لا على ثمنه يوم الشراء.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى" (9/266).
وبكل حال؛ فإن الاعتبار في الذهب أن يكون بوزنه؛ فينظر كم وزن ما عندك من الحلي، ثم تخرجين منها: 2.5% زكاة عنها، وهي: ربع العشر، فإذا حسبت هذه النسبة من وزن ذهبك، فإنك تقدرين ثمنها بحسب ثمن الذهب في يوم إخراج الزكاة. ويكون تقديره على أنه مستعمل ، وليست جديدا، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم: (43033).
ثالثا:
والأصل في الأحكام الشرعية أن تقوم على اليقين، لكن إذا انعدم، فعلى المسلم أن يرجع إلى غالب الظن.
قال القرافي رحمه الله تعالى:
" قاعدة: الأصل ألا يعتبر في الشرع إلا العلم، لقوله تعالى: ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) لعدم الخطأ فيه قطعا، لكن تعذّر العلم في أكثر الصور فجوز الشرع اتباع الظنون لندرة خطئها وغلبة إصابتها... " انتهى. "الذخيرة" (1 / 218 - 219).
وقال أبو عبد الله المقّري رحمه الله تعالى:
" المعتبر في الأسباب والبراءة وكلّ ما ترتبت عليه الأحكام العلم، ولما تعذّر أو تعسّر في أكثر ذلك أقيم الظن مقامه لقربه منه " انتهى من "القواعد" (1/289).
فعليك في هذه الحال أن تقدريه بما يغلب على ظنك أنه الصواب، وتخرجي زكاته، فإذا تبين بعد ذلك أنك أخرجت الزكاة ناقصة، فعليك أن تقومي بإخراج ما تبقى.
والله أعلم.