عنوان الفتوى : من يتلاعب بأموال المسلمين يجب الأخذ على يديه

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

أنا مسلم أسكن في ألمانيا منذ سبع سنوات اخترت كخازن في مركز إسلامي هناك، كنا خمسة أشخاص في الإدارة واحد منا كان رئيساً وهو رئيس منذ تأسيس المركز، وله شهرة سيئة في قضايا مالية، بعد انتخابي كخازن حصلت على الملفات وبدأت العمل، وبعد دراسة الملفات وجدت أن أموالاً هائلة مفقودة ولم يسجل شيء من هذه الأموال، فأفنعت نفسي بأن الأحسن أن لا أثير المشاكل ولكن أسعى لعمل جيد حتى يثق الناس في هذا المركز، ولكن الرئيس لا يريد ذلك، يصر على أن أستلم الأموال وأنه سيصرفها متى ما شاء وأينما شاء، وأنه لا يخبرني بذلك، فرفضت هذه الفكرة، ولأن الناس في المدينة جدد، وبعض أعضاء اللجنة أيضاً جدد لا يعرفون خطيئته لذا أيدوا هذا الشخص، ومن عادته أنه لا يسمح لأحد أن يكون عضواً في هذه المؤسسة إذا لم يوافقه، فأخرجني من إدارة هذا المركز ولكن استطعت أن أقنع الناس بتكوين لجنة مكونة من ثلاثة أشخاص حتى يراجعوا حسابات المركز منذ تاريخ إنشائه (ثماني سنوات) فطلبت مني هذه اللجنة أن أكتب التفاصيل عن سوء تصرف هذا الرجل وانتقاداتي عليه، ففعلت ذلك إلا أنه سافر إلى سوريا وقال إنه سيجيب بعد ما يرجع من السفر، قبل السفر خلف شخصاً ينوب عنه في مهامه ويخطب الجمعة بدله، هذا الشخص كان جديداً في هذه المدينة ولا يعرف الرئيس، لذا كان يؤيد الرئيس ويقول إنه يستطيع أن يفرق بين المعيب والمخطئ، وبعد ما رجع الرئيس أصبح نائبه يطعن علي في الخطبة بصورة غير مباشرة وفي الجمعة التالية تكلم علي صريحاً وقال إن الرئيس رجل شريف وإن له جهودا جبارة في توجيه الجيل الجديد وإلا لكان الجيل في المراقص...، وقال إنني قد خدعته وإني أعمى البصر، مريض القلب كاذب فاسق، منافق... وكان هذا أمام الجماهير، فغضبت عليه فمسكته ودفعته، فأخذ أحد الحاضرين يدي وجرها وبهذا تمزق ثوبه فأخرجوني وبعد الصلاة جلسنا، فسأل شخص هل كنت تتوقع ما حصل أنه سيقع إذا قلت ما قلت، فقال نعم توقعت أكثر من ذلك، فاسألوا الرئيس لماذا حصل هذا خلال أسبوعين فقط بعدما رجع من سوريا، فقال: لا أدري، وهذا الشخص نائبه) فدخل في أمر لا علاقة له به وإنما هو عمل اللجنة التي تفتش في هذا الأمر. وكان رأيه ألا أهتك ستر مسلم حتى لو كان سارقاً، والآن سؤالي: هل ما يقول به هذا الشخص صحيح؟ وما رأي الشريعة فيما فعل هذا الشخص؟ وفي ردة فعل تجاهه؟ آمل إجابة سريعة عبر البريد وباللغة العربية في ملف مرفق إذا أمكن ذلك.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا قامت أدلة واضحة على أن رئيس المركز يسرق أموال المركز، وناصحته بينك وبينه فأبى أن ينتهي وأن يرد ما أخذ، فالواجب بيان ذلك لأعضاء المركز القادرين على الأخذ على يده ومنعه من التلاعب بأموال المسلمين، ولا حرج عليك حينئذ في ما فعلت، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً، قال تأخذ فوق يديه. متفق عليه واللفظ للبخاري. وقال: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم. أما الستر عليه، فإن كان بحيث لا يبلغ أعضاء المركز عن سرقاته وتلاعبه ويقُر في منصبه، فلا يجوز هذا الستر، لما يترتب عليه من إلحاق ضرر بالمسلمين وإهدار لأموالهم، وإقرار المنكر. وأما إن كان الستر عليه بحيث لا ينشر ما فعل على عامة الناس، ويكتفى بأن يُقال من منصبه ويحاسب أمام الجمعية المكونة لتدقيق حسابات المركز، فهذا مستحب، لأن فضحه على رؤوس الناس ليس فيه مصلحة، بل الضرر من ذلك لا يخفى ، ونشر ذلك قد يؤدي إلى إساءة الظن بالقائمين على العمل الإسلامي، والصد عن سبيل الله، وليعلم أن الستر المشروع هو الستر على من لا يعرف بالأذى والفساد، ولا يتعدى ضرر معصيته إلى غيره، أما من كان ضرر معصيته يتعدى إلى غيره ويصر على ذلك، فالمشروع ألا يستر عليه بل يرفع أمره إلى من يأخذ على يديه، ولكن لا يُشَهَّر به دون حاجة إلى ذلك، وبهذا تعلم أن ما يأمر به هذا الشخص الخطيب من الستر على المسلم ولو كان سارقاً ليس صحيحاً بإطلاق وليس خطأ بإطلاق، إنما الصحيح ما ذكرنا من التفصيل، أما الحكم في ما فعل، فإن كان قد تحقق أن رئيس المركز سارق وحاول الدفاع عنه، ففعله هذا لا يجوز، قال الله تعالى: ...وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً [النساء:105]. وإن لم يكن قد تحقق من ذلك فقد أقحم نفسه في ما لاعلم له به وتكلف ما لا يعنيه، وكان الأولى به أن ينتظر نتيجة تحقيق اللجنة المكونة لتدقيق حسابات المركز، وألا يتهمك بما لا يعلم، أما ردة فعلك عليه، من إمساكه وهو يخطب ودفعه، فهذا لا يجوز لأنه يفتح باباً للشر والفتنة في المسجد، ويؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، وكان الواجب إذا أردت أن تدافع عن نفسك أن تنتظر حتى ينتهي من خطبته، ثم ترد عليه وتبرئ نفسك دون حاجة إلى ما فعلت. والذي ننصح به إخواننا في هذا المركز، أن يتقوا الله وأن يحرصوا على تحري العدل والحق، وألا يحملهم حب أحدٍ أو بغضه على ترك ذلك. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة:8]. ونوصيهم بإصلاح ذات البين، قال تعالى: ... فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الأنفال:1]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين الحالقة. رواه أبو داود والترمذي، وزاده الترمذي: .... لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين. ونسأل الله أن يلم شمل إخواننا وأن يعيذهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلهم هداة مهتدين، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والله أعلم.