عنوان الفتوى : على الزوج الموازنة بين حقوق الأم والزوجة

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أنا فتاة متزوجة منذ خمس سنوات، وأمّ لطفلين، أسكن مع أهل زوجي منذ زواجي، وأعاني من المعاملة السيئة من أمّ زوجي (حماتي)، فهي امرأة متسلطة، تؤذيني بكلامها، وتعاملني خادمةً، ولا تحترم الخصوصية، وتدخل غرفة نومي وأنا مع زوجي دون استئذان، وقد ضربتني، وتشتمني دون سبب؛ رغم أنني أطيعها، وأتودد إليها، وأهتم بها، وأحمّمها، وأطبخ لها ولأولادها، وأفعل كل ما تأمرني به؛ ورغم ذلك لا تحبني، ولا تحب أن أزور أهلي، و تمنعني من الخروج -حتى مع زوجي-، ولا تحب أن يزورني أحد من أهلي، وتنكد حياتي بكل الطرق، وزوجي يقول لي: أمّي غيورة، وصعبة الطباع، ويجب مسايرتها، وزوجي مهتم بها لأبعد درجة، ويدللها، ويأخذها للعمرة كل سنة، ويشاورها في كل شيء؛ ورغم هذا لا تحبني، ولا تحترمني، وعندما يمرض أولادي لا تسأل عنهم، وهي تريدني أن أخدم أحفادها؛ لأن أمهاتهم عاملات، أما أنا فيرفضون أن أعمل؛ لأنني قبل الزواج كنت أستاذة، وعندما تزوجت منعني زوجي من العمل، وأنا لم أعد أستطيع تحمل معاملتها السيئة، وكرهها لي، فقد سببت لي اكتئابًا، وظلمتني كثيرًا، وزوجي لديه بيت مستقل مغلق، والمفاتيح عند أمّه، أي أنه مرتاح ماديًّا، ويمكنه توفير السكن، وأنا الآن في بيت أهلي أريد سكنًا مستقلًّا، أو الطلاق، وزوجي رافض تمامًا فكرة السكن المستقل، رغم أن أمّه لا تعيش وحدها، وليست مريضة، ولا تحتاجنا، ورغم هذا لا يريد أن يسكنني في سكن مستقل، ولا يريد الطلاق، فماذا أفعل؟ فأنا في حيرة من أمري، وشكرًا.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فحسن أن يبر زوجك أمه، ويجتهد في كسب رضاها، ولكن لا يجوز أن يكون ذلك على حساب حقوقك عليه، فمن حقك عليه أن يمنع عنك أذاها، من غير أن يعق أمّه.

ومن سبل منع أذاها عنك -وهو حق لك عليه- أن يوفر لك مسكنًا مستقلًّا، ولو عن طريق الأجرة، إن لم يجد سبيلًا لسكناك في بيته هذا؛ إذ المقصود توفير هذا السكن، ولا يضر كونه مملوكًا، أو مستأجرًا، أو غير ذلك، قال الخطيب الشربيني -رحمه الله- في مغني المحتاج: ولا يشترط في المسكن كونه ملكه قطعًا، بل يجوز إسكانها في موقوف، ومستأجر، ومستعار. اهـ.

فنوصي بتوسيط العقلاء من أهلك وأهله في هذا الأمر، فإن تيسر لهم حل الإشكال، فبها، وإلا فيمكنك أن ترفعي الأمر للقضاء الشرعي؛ لينظر في الأمر، ويزيل عنك الضرر.

وإذا صار الأمر إلى الطلاق، فلا ننصح بالتعجل إليه قبل التبين فيه، فقد لا تكون المصلحة في الطلاق دائمًا.

وننبه إلى أمرين:

الأمر الأول: أنه لا يلزم الزوجة شرعًا أن تخدم أمّ زوجها، فضلًا عن أن تخدم غيرها من زوجات إخوته، أو أبنائهنّ، إلا أن تفعل ذلك بطيب نفس منها.

الأمر الثاني: لنا تعليق على قولك: "أحممها"، فإن كان المقصود بذلك غسل جسدها، فيجب الاحتراز عن النظر للعورة، أو لمسها، قال الكاساني في بدائع الصنائع: وَأَمَّا الثَّالِثُ، وهو: بَيَانُ ما يَحِلُّ من ذلك وما يَحْرُمُ لِلْمَرْأَةِ من الْمَرْأَةِ، فَكُلُّ ما يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ من الرَّجُلِ، يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إلَيْهِ من الْمَرْأَةِ، وَكُلُّ ما لَا يَحِلُّ له، لَا يَحِلُّ لها، فَتَنْظُرُ الْمَرْأَةُ من الْمَرْأَةِ إلَى سَائِرِ جَسَدِهَا، إلَّا ما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَلَا يَجُوزُ لها أَنْ تَنْظُرَ ما بين سُرَّتِهَا إلَى الرُّكْبَةِ، إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، بِأَنْ كانت قَابِلَةً، فَلَا بَأْسَ لها أَنْ تَنْظُرَ إلَى الْفَرْجِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ، لَكِنَّ الثَّابِتَ بِالضَّرُورَةِ، لَا يَعْدُو مَوْضِعَ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِهَا الضَّرُورَةُ، وَالْحُكْمُ لَا يَزِيدُ على قَدْرِ الْعِلَّةِ، هذا الذي ذَكَرْنَا حُكْمُ النَّظَرِ، وَالْمَسِّ. اهـ.

والله أعلم.