عنوان الفتوى : أحكام من لا ينام معها زوجها في غرفتها ولا يصرف على حاجاتها الخاصة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

زوجي ينام في غرفة وحده، منذ أربع سنوات: فترة زواجنا، رغم أني طلبت منه عدة مرات، ولا يجيبني، ولا زلت أستحي منه، ولا أستطيع أن أطلب منه شيئا، خاصة حقي الشرعي من الزواج. وعندما حصلت على وظيفة، لم يعد يصرف على احتياجاتي الخاصة، علما أننا في وقت الزواج اشترطنا عليه الصرف. ومنذ زواجي منه لا أسمع منه كلمة حب، فقط استهزاء بي، وبعمري، وشكلي؛ لذا أصبحت لا أعيره اهتماما. هل يجوز لي طلب الطلاق؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالواجب على الزوجين أن يعاشر كل منهما صاحبه بالمعروف، ومن حق الزوجة على زوجها أن ينفق عليها بالمعروف، ولا حاجة لاشتراط ذلك في عقد الزواج؛ فهذا واجب يقتضيه العقد، سواء كان للزوجة مال من وظيفتها، أو لم يكن لها مال، مع التنبيه إلى أنّ النفقة الواجبة على الزوج هي قدر الكفاية من المطعم والمسكن والكسوة بالمعروف، وما زاد عن ذلك فليس بواجب عليه، وراجعي الفتوى ذات الرقم: 132322، والفتوى ذات الرقم: 175721 
ومن حقها عليه أن يعفّها على قدر طاقته وحاجتها، على القول الراجح عندنا.

قال ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى: وَيَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَهُوَ مِنْ أَوْكَدِ حَقِّهَا عَلَيْهِ، أَعْظَمَ مِنْ إطْعَامِهَا. وَالْوَطْءُ الْوَاجِبُ قِيلَ: إنَّهُ وَاجِبٌ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَرَّةً، وَقِيلَ: بِقَدْرِ حَاجَتِهَا وَقُدْرَتِهِ، كَمَا يُطْعِمُهَا بِقَدْرِ حَاجَتِهَا وَقُدْرَتِهِ، وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.

وإذا وفّى الزوج زوجته حقّها في الفراش، فلا يجب عليه أن ينام معها في فراش واحد، لكنّه أولى وأفضل.

قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم: والصواب في النوم مع الزوجة، أنه إذا لم يكن لواحد منهما عذر في الانفراد؛ فاجتماعهما في فراش واحد أفضل، وهو ظاهر فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي واظب عليه، مع مواظبته صلى الله عليه وسلم على قيام الليل. فينام معها، فإذا أراد القيام لوظيفته، قام وتركها، فيجمع بين وظيفته وقضاء حقها المندوب، وعشرتها بالمعروف، لاسيما إن عرف من حالها حرصها على هذا. اهـ.

 وجاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: قَالَ الْبُرْزُلِيِّ: قُلْتُ: تَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَبِيتِ مَعَهَا فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ مِن الْحَدِيثِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَنْدُبُ إلَيْهِ؛ لِمَا يُدْخِلُ عَلَيْهَا مِن الْمَسَرَّةِ .... اهـ.
ومن المعاشرة بالمعروف أن يحسن صحبتها، فلا يهينها، أو يؤذي مشاعرها، ففي سنن أبي داود عن معاوية بن حيدة، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نِسَاؤُنَا مَا نَأْتِي مِنْهُنَّ وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: ائْتِ حَرْثَكَ أَنَّى شِئْتَ، وَأَطْعِمْهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَاكْسُهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تُقَبِّحِ الْوَجْهَ، وَلَا تَضْرِبْ.
قال المناوي -رحمه الله- في فيض القدير: "ولا تقبح الوجه" أي : لا تقل إنه قبيح. ذكره الزمخشري: وقال القاضي: عبر بالوجه عن الذات، فالنهي عن الأقوال والأفعال القبيحة في الوجه وغيره من ذاتها وصفاتها.. . اهـ. 
فإن كان زوجك لا ينفق عليك الإنفاق الواجب، ولا يعفك، ويسيء عشرتك، فلك المطالبة بالطلاق إن كان أصلح لك، وراجعي الفتوى ذات الرقم: 371611، والفتوى ذات الرقم: 113898
والذي ننصح به زوجك أن يتقي الله، ويعاشرك بالمعروف. وننصحك أن تتفاهمي معه، وتذكريه بما أوجب الله عليه من المعاشرة بالمعروف؛ لعله يعود إلى الصواب ويعاشرك بالمعروف. فإن لم يفد ذلك، وبقي على إساءته، فلا حرج عليك في طلب الطلاق.

والله أعلم.