عنوان الفتوى : الاجتماع على طعام للعزاء واستئجار من يقرأ للميت

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

حكم اجتماع الناس بعد دفن الميت، وعمل صوان للعزاء، والإتيان بمقرئ لقراءة القرآن، والناس جالسون يستمعون، ويشربون الشاي والقهوة، وهناك من يطعم الناس كلها الطعام، ثم ينصرفون بعد ذلك؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: 

فقد اختلف العلماء في الاجتماع للتعزية، والمفتى به عندنا أنه غير مشروع، ولتنظر الفتوى رقم: 56082.

قال النووي -رحمه الله- في المجموع: وأما الجلوس للتعزية، فنص الشافعي، والمصنف، وسائر الْأَصْحَابِ عَلَى كَرَاهَتِهِ، وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي التَّعْلِيقِ، وَآخَرُونَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ قَالُوا: يَعْنِي بِالْجُلُوسِ لَهَا: أَنْ يَجْتَمِعَ أَهْلُ الْمَيِّتِ فِي بَيْتٍ فَيَقْصِدُهُمْ مَنْ أَرَادَ التَّعْزِيَةَ، قَالُوا: بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْصَرِفُوا فِي حَوَائِجِهِمْ، فَمَنْ صَادَفَهُمْ عَزَّاهُمْ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي كَرَاهَةِ الجلوس لها. صرح به المحاملي، وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْأُمِّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: وأكره المآتم، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُكَاءٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجَدِّدُ الْحُزْنَ، وَيُكَلِّفُ الْمُؤْنَةَ مَعَ مَا مَضَى فِيهِ مِنْ الْأَثَرِ. هَذَا لَفْظُهُ فِي الْأُمِّ، وَتَابَعَهُ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ بِدَلِيلٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ مُحْدَثٌ. انتهى.

وقال ابن قدامة في المغني: قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُكْرَهُ الْجُلُوسُ لِلتَّعْزِيَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُكْرَهُ الِاجْتِمَاعُ بَعْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَهْيِيجًا لِلْحُزْنِ. انتهى.

وأما استئجار من يقرأ للميت، فمنكر آخر زائد على نفس الاجتماع المكروه، قال ابن مفلح في الفروع نقلًا عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية: جمع أهل المصيبة الناس على طعام ليقرؤوا، ويهدوا له، لَيْسَ مَعْرُوفًا فِي السَّلَفِ، وَالصَّدَقَةُ أَوْلَى مِنْهُ، لا سيما على من ينتفع به في مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، كَالْقُرَّاءِ، وَنَحْوِهِمْ، فَإِنَّهُ قَدْ كَرِهَهُ طَوَائِفُ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَقُرْب دَفْنِهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، عَدَّهُ السَّلَفُ مِنْ النِّيَاحَةِ، وَذَكَرَ خَبَرَ جَرِيرٍ السَّابِقَ، وَهَذَا فِي الْمُحْتَسِبِ، فَكَيْفَ مَنْ يَقْرَأُ بِالْكِرَاءِ؟! وَاكْتِرَاءُ مَنْ يَقْرَأُ وَيُهْدِي لِلْمَيِّتِ بِدْعَةٌ، لَمْ يَفْعَلْهَا السَّلَفُ، وَلَا اسْتَحَبَّهَا الْأَئِمَّةُ، وَالْفُقَهَاءُ تَنَازَعُوا فِي جَوَازِ الِاكْتِرَاءِ عَلَى تَعْلِيمِهِ، فَأَمَّا اكْتِرَاءُ مَنْ يَقْرَأُ وَيُهْدِيهِ، فَمَا عَلِمْت أَحَدًا ذَكَرَهُ، وَلَا ثَوَابَ لَهُ، فَلَا شَيْءَ لِلْمَيِّتِ، قَالَهُ الْعُلَمَاءُ، قَالَ: وَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِذَلِكَ، وَالْوَقْفُ عَلَى الْقُرَّاءِ، وَالْعُلَمَاءِ، أَفْضَلُ مِنْ الْوَقْفِ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا. انتهى.

وإذا علمت هذا؛ فالصورة المسؤول عنها من الاجتماع على طعام أو شراب للتعزية، مكروهة، وتزداد الكراهة إذا اشتملت على استئجار من يقرأ القرآن للميت، كما مر بك.

والله أعلم.