عنوان الفتوى : هل إتمام الصف الأول أولى أم تأخر أحد المصلين منه ليصلي بجانب المنفرد؟
ما الأولى فعله: إتمام الصف الأول، أم تقهقر أحد المصلين للخلف؛ للصلاة بجانب مصل آخر، حتى لا يصلي منفردًا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الأفضل هو إتمام الصف الأول.
أما تأخر أحد المصلين من الصف الأول؛ ليصلي بجانب المنفرد خلف الصف, فهذا غير مشروع، جاء في فتاوى نور على الدرب، للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: سائل يقول: نحن نصلي، ونكون قد أكملنا الصف الأول؛ فيدخل شخص من المصلين ويكون في الصف الثاني بمفرده، فيرجع واحد من الصف الأول ليصلي بجواره، هل هذا العمل صحيح؟
فأجاب -رحمه الله تعالى-: هذا العمل غير مشروع، بل إذا جاء الإنسان وقد تم الصف الذي قبله، فليقف وحده، يصلي منفردًا للعذر؛ لأنه حينئذ يكون معذورًا، إذ لو وجد مكانًا في الصف لدخل فيه، ولا ينبغي أن يجذب أحدًا، ولا ينبغي أن يتأخر معه أحد أيضًا؛ لأنه إذا تأخر معه أحد، بقي فرجة في الصف الذي أمامه، وهذا خلاف المشروع في الصفوف، فالمشروع ألا يدعوا فرجًا للشيطان. انتهى.
ويقول الشيخ ابن عثيمين -أيضا- في الشرح الممتع: القول الوسط هو الراجح، وأنه إذا كان لعذر صحت الصلاة؛ لأن نفي صحة صلاة المنفرد خلف الصف، يدل على وجوب الدخول في الصف؛ لأن نفي الصحة لا يكون إلا بفعل محرم، أو ترك واجب، فهو دال على وجوب المصافة، والقاعدة الشرعية أنه لا واجب مع العجز؛ لقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن:16]، وقوله: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} [البقرة:286]، فإذا جاء المصلي ووجد الصف قد تم، فإنه لا مكان له في الصف؛ وحينئذ يكون انفراده لعذر، فتصح صلاته، وهذا القول وسط، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وشيخنا عبد الرحمن بن سعدي، وهو الصواب.
فإن قال قائل: لماذا لا تقولون بأن يجذب أحد الناس من الصف؟
فالجواب: إننا لا نقول بذلك؛ لأن هذا يستلزم محاذير:
المحذور الأول: التشويش على الرجل المجذوب.
المحذور الثاني: فتح فرجة في الصف، وهذا قطع للصف، ويخشى أن يكون هذا من باب قطع الصف الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: «من قطع صفًّا؛ قطعه الله».
المحذور الثالث: أن فيه جناية على المجذوب، بنقله من المكان الفاضل إلى المكان المفضول.
المحذور الرابع: أن فيه جناية على كل الصف؛ لأن جميع الصف سوف يتحرك لانفتاح الفرجة من أجل سدها. انتهى.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 31530.
والله أعلم.