عنوان الفتوى : المفاضلة بين الصف الأول وحضور القلب في الصفوف المتأخرة
جزاكم الله خيرًا على جهودكم الرائعة، جعلها الله في ميزان حسناتكم, إن شاء الله سأسافر للعمرة بعد حوالي شهرين، ومن المعلوم أن الصلاة في الصف الأول من أعظم الأعمال، فضلًا عن أن تكون في المسجد النبوي, ولكن أحيانًا تكون الصلاة في الصفوف المتأخرة فيها من حضور القلب ما لا يمكن تحقيقه في الصف الأول بسبب مزاحمة الإخوة على الصف الأول، وأحيانًا يتقدم أحدهم للصف رغم عدم وجود مساحة كافية له، فيضيق على إخوانه، والذي يؤثر بالسلب على حضور القلب, فهل الأولى في حالتي هذه أن أصلي في صفوف متأخرة بحيث أجد قلبي حال الصلاة أم أن هذا يعد تفريطًا في أجر الصف الأول؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فإذا كان في الصف الأول ما يشغل المصلي، فإن الأولى ترك الصلاة فيه، كما قرره أهل العلم؛ قال في حاشية الجمل على شرح المنهاج: وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ خَلْفَ شَبَابِيكِ الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ عَلَى الشَّوَارِعِ، فَتَرْكُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فِيهَا أَوْلَى ... اهـ.
وجاء في شرح المقدمة الحضرمية من كتب الشافعية: ولو تعارض الرداء والسترة قدمت إن كان مستور العاتقين، وإلا سترهما وإن فاتت، أو الخشوع والسترة أو الصف الأول قدم الخشوع عليهما. اهـ.
وقد ذكر أهل العلم في القاعدة المشهورة أن تحصيل الفضيلة المتعلقة بعين العبادة أولى من تحصيل الفضيلة المتعلقة بمكان العبادة عند التعارض، ولهذا قالوا: لو دار الأمر بين أن يصلي في البيت جماعة وبين أن يصلي في المسجد منفردًا، فإنه يصلي في البيت جماعة مع أن الصلاة في المسجد مأمور بها شرعًا، لكن تحقيق فضيلة الجماعة أولى لكونها تتعلق بعين الصلاة، بخلاف الصلاة في المسجد فإنها تتعلق بمكان الصلاة، وانظر لتقرير هذه القاعدة الفتوى رقم: 252643، والفتوى رقم: 311746. ولفضل الصلاة في الصف الأول راجع الفتوى رقم: 93742.
وعلى هذا؛ فعليك ابتداء أن تحرص على الصف الأول، فإذا دار الأمر بين أن تصلي في الصف الأول بغير خشوع وبين أن تصلي في الصفوف المتأخرة بخشوع؛ فصلِّ في الصفوف المتأخرة.
والله تعالى أعلم.