أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : الطرق الشرعية للتخلص من الهموم

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا شاب في الثانية والعشرين من العمر، أنا شاب متدين والحمد لله رب العالمين؛ لكنني أعاني من مشكلة قديمة جداً وهي أنني شاب أعاني من الهم كثيراً كثيراً، وأعزي نفسي بقراءة القرآن ولكن الهم لا يفارقني، فهل هناك أدعية محددة وردت عن النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام بخصوص هذا الموضوع؟ أرجو منكم الإفادة، وجزاكم الله عنا كل خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Marwan حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله العظيم أن يذهب همك وأن يغفر ذنبك، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.
فإن الهموم والأحزان قد تفشت في هذا الزمان الذي تكالب فيه الناس على الدنيا وركزوا فيه على راحة الجسد وأهملوا جانب الروح، ولا شك أن أهل الإيمان في عافية كبيرة من هذه الأمراض، وإن حصل وأصيبوا بها فإنها سرعان ما تزول لإيمانهم بالله وحرصهم على ذكره وطاعته وتلاوة كتابه، وقد أحسن قائل السلف عندما قال: "عجبت لمن اغتم ولم يفزع إلى قول الله تعالى: ((أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ))[الأنبياء:87]، فإني وجدت الله يعقبها بقوله: ((فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ))[الأنبياء:88]، فهي ليست لنبي الله يونس عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، ولكنها للمؤمنين في كل زمان ومكان إذا ذكروا الله بهذا الذكر المبارك: (وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).
وعجبت لمن ضاق صدره ولم يفزع إلى قول الله تعالى: ((وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ))[الحجر:97-99]، ولا عجب فإن التسبيح والذكر يطردان الشيطان والسجود يغيظه فيعتزل ويبكي ويقول: أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأُمرت بالسجود فلم أسجد فلي النار.
فإن الهموم والأحزان من الشيطان الذي همَّه وشغله: ((لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ))[المجادلة:10].
أما الأدعية الواردة في السنة فمنها ما يلي:
(1) قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدَّين وقهر الرجال).
(2) وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما أصاب أحداً قطُّ همٌّ ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك؛ أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همِّي، إلا أذهب الله همَّه وحزنه وأبدله مكانه فرحاً).
فإذا اشتدت عليه الهموم فإنه يدعو بدعاء الكرب أيضاً، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم).
ويقول أيضاً: (اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت).
ومما يساعد على إزالة الهموم الإكثار من ذكر الله وتلاوة القرآن والإكثار من الاستغفار، والابتعاد عن الذنوب والمعاصي؛ فإن لها آثاراً سيئة، ومن تلك الآثار أنها تورث ظلمة الوجه وضيق الصدر، وقلة الرزق: ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا))[طه:124].
ويقول تعالى: ((وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ))[الشورى:30].
والمؤمن يرضى بقضاء الله وقدره ولا يندم على ما فات فيسد بذلك الباب على الشيطان، وفي الحديث: (وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان).
(وعجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).

وإذا علم المؤمن أن الدنيا هي جنة الكافر وسجن المؤمن وأنها دار ابتلاء هان عليه ما يلاقي من العنت، وإذا تذكر لذة الثواب نسي ما يجد من آلام، وإذا أصيب المؤمن بمصيبة فإنه يتذكر مصيبة الأمة بالنبي صلى الله عليه وسلم فتهون عنده مصائبه، كما أن النظر إلى أهل البلاء فيه أحسن العزاء، وأنت ـ ولله الحمد ـ ممن يقرأ القرآن، وهذا دليل خير فيك، فلا داعي للانزعاج ولا مانع من البحث عن أسباب هذا الهم، وإذا عرف السبب بطل العجب وسهل إصلاح العطب.
والله الموفق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أشعر وكأن الإيمان دخل إلى أعمالي وعقلي، ولم يدخل قلبي! 1583 الثلاثاء 14-07-2020 04:30 صـ
لا أستطيع نسيان مشاعري تجاه من أحببتها، فما توجيهكم لي؟ 859 الأربعاء 15-07-2020 03:54 صـ
كيف أقوي إيماني وألجأ إلى الله وقت الشدائد؟ 539 الأحد 12-07-2020 03:09 صـ
أعيش في فرنسا ببيت خالتي وأتأذى بتصرف بناتها 1476 الأربعاء 08-07-2020 03:55 صـ
لدي ضعف يقين وضعف توكل على الله..ما النصيحة؟ 821 الثلاثاء 07-07-2020 04:03 صـ