عنوان الفتوى : الكره القلبي لإنسان ما.. هل فيه مؤاخذة؟
هل أحاسب على ما بداخلي من مشاعر ضيق من شخص معين؟ المشكلة أن الظروف تضطرني كل فترة لتقبل وجود حماتي، وإقامتها عندي في بيتي لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر أو أكثر مما يشعرني بالضيق الشديد؛ نظرا لشعوري بعدم حرية التصرف في بيتي، حتى في أبسط الأشياء مثلا فعل بعض الأمور النسائية. أولا: هي سيدة مسنة، ولكن لها بيت خاص بها، ولها أولاد وبنات يمكن أن يتناوبوا عليها لرعايتها، ولكنهم لا يريدون ترك بيوتهم، ويفضلون أخذها عند كل منهم فترة؛ لتمكث عنده، ولكنها هي الأخرى تفضل زوجي وشقيقة له لتذهب عندهم أكبر فترة؛ مما يشعرني بالضيق والتعب. أنا لا أكرهها، وأتمنى لها الصحة، وأدعو لها الله بأن لا يحوجها لأحد، وأشعر بالضيق من نفسي بسبب إحساسي بالضغط والضيق وقت وجودها عندي، وهذا الشعور غصب عني، والله لا أدري ماذا أفعل؟ أدعو ربنا كثيرا أن يهديني. هل أحاسب على مشاعري هذه؟ وهل سوف أعاقب بمثل هذا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مؤاخذة عليك - إن شاء الله - في هذا الكره القلبي ما دام لم يترتب عليه قول أو عمل، قال النووي في (الأذكار): الخواطر وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه، فمعفو عنه باتفاق العلماء؛ لأنه لا اختيار له في وقوعه، ولا طريق له إلى الانفكاك عنه. وهذا هو المراد بما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل. قال العلماء: المراد به الخواطر التي لا تستقر. قالوا: وسواء كان ذلك الخاطر غيبة أو كفرا أو غيره، فمن خطر له الكفر مجرد خطران من غير تعمد لتحصيله، ثم صرفه في الحال فليس بكافر، ولا شيء عليه. اهـ.
وهذا الحديث الذي أورده رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وبقاء أم الزوج مع زوجة ابنها مثل هذه المدة الطويلة لا شك في أن فيه نوعا من الحرج، ومقابلة ذلك بالصبر والحكمة قد تكون له عاقبة حميدة، فتكسبين مودة زوجك، وتعظم مكانتك في نفسه، وتقوى العشرة بينكما. ولئلا تتأذي من هذا الضيق الذي تحسين به الأولى بك أن تشغلي نفسك بما ينفع، هذا بالإضافة إلى ذكر الله تعالى، ففيه أعظم تسلية للإنسان عند حصول القلق وتواتر الأحزان، قال عز وجل: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.
والله أعلم.