عنوان الفتوى : حكم قراءة كتب السيرة التي تشتمل على أخبار غير موثقة
السادة الفضلاء القائمين على الموقع: حياكم الله وبياكم، وجعل ما تقومون به في ميزانكم يوم القيامة.أنا طالب علم، وبعد مطالعة السيرة النبوية -على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم- من أكثر من مصدر تهيأ لي أن أطالعها من كتاب عُرِفَ أنه أكبر كتاب سيرة نبوية في المكتبة الإسلامية، وهو كتاب: "سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد" للشيخ محمد يوسف الصالحي الدمشقي -رحمه الله تعالى-، ورغم ضخامة الكتاب -كما تعلمون- إلا أني سمعت من يقول: إن به الكثير من الموضوعات والتلفيقات أو نحو ذلك، فكان هذا مما يثبطني عن قراءته ومطالعته.أرجو من فضيلتكم أن تبينوا لي بيانا شافيا حول هذا الكتاب، أو دراسة موجزة. لا أريد أن أقول مفصلة حتى لا أشق عليكم، ولكن بيانا يعطيني فكرة عامة عن الكتاب، وكيفية تحقيق أقصى قدر من الاستفادة منه.شكرا الله لكم، وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق أن تحدثنا سابقا باختصار عن كتاب: "سبل الهدى والرشاد" للصالحي رحمه الله في الفتوى رقم: 80490، وذكرنا في الفتوى رقم: 36431. أنه من الكتب المطولة التي لا ينصح بها المبتدئ.
والذي يمكن أن نضيفه هنا هو أن نقول: إن هذا الكتاب هو عمل بشري كسائر المصنفات، خاصة المصنفات التي لا تخلو مما ينتقد عليها من ذكر بعض الروايات الضعيفة، ولكن هذا لا يمنع الاستفادة منه، لا سيما وأن موضوع السيرة مما يتساهل أهل العلم فيه.
قال ابن سيد الناس في عيون الأثر: والذي ذهب إليه كثير من أهل العلم الترخص في الرقائق، وما لا حكم فيه من أخبار المغازي، وما يجري مجرى ذلك، وأنه يقبل فيها ما لا يقبل في الحلال والحرام؛ لعدم تعلق الأحكام بها... اهـ.
وقال ابن برهان في السيرة الحلبية: ولا يخفى أن السير تجمع الصحيح والسقيم والضعيف، والبلاغ، والمرسل، والمنقطع، والمعضل، دون الموضوع...اهـ.
ومن ثَمَّ قال الزين العراقي -رحمه الله- في ألفية السيرة:
وَلْيَعْلَمِ الطَّالِبُ أَنَّ السِّيَرَا ... تَجْمَعُ مَا صَحَّ وَمَا قَدْ أُنْكِرَا.
وَالْقَصْدُ ذِكْرُ مَا أَتَى أَهْلُ السّيَرْ ... بهِ، وإنْ إِسْنَادُهُ لمْ يُعْتَبَرْ.
وقد قال الإمام أحمد بن حنبل، وغيره من الأئمة: إذا روينا في الحلال والحرام، شددنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوها، تساهلنا .اهـ.
وما دمت طالبا للعلم، فلا يثبطك عن قراءة الكتاب والاستفادة منه ما فيه من الضعيف ونحوه.
والله تعالى أعلم.