عنوان الفتوى : كيفية إنكار المنكر على الوالدين
في وقت كان أبي مغضبا، وقام بتشغيل مقطع على الجوال، وبه موسيقى. وكان قد طلب مني فعل شيء على جوالي في ذلك الوقت؛ فجلست بجانبه لأفعله، فلم أقم من ذلك المجلس وقتها، لأجل أنه كان مغضبا؛ فخشيت أن ينفعل علي. فهل أصبت أم أخطأت؟ وعامة: هل لو نصحت أبي بحرمة الموسيقى وهو لا يعتقد بذلك، وقام في يوم بتشغيل الموسيقى، هل الأفضل أن أقوم فورا، أم الأفضل أن أنتظر قليلا احتراما له، ثم أقوم؛ لئلا يظن أني أراه عاصيا، أعلم أن حق الله أعظم. ولكن هل قيامي مباشرة، فيه عقوق، أو أن يشعر أني أستصغره في نفسي؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك ببر أبيك والإحسان إليه، وإظهار توقيره واحترامه ما وسعك ذلك، وحاولي أن تناصحيه بحكمة ولين ورفق، فيما يفعله من المحرمات كسماع الموسيقى المحرمة، وإن كان هذا بطريق غير مباشر، كإطلاعه على فتوى، أو كتيب في الموضوع؛ فهو حسن. ولكن لا يجوز لك أن تجلسي حيث المنكر من غير عذر يبيح لك ذلك، فإذا استمع والدك للموسيقى بحضرتك، فاستأذني منه بأدب ولطف، وقولي له إنك ستذهبين؛ لأنك تعتقدين حرمة الموسيقى، وإن كان ذلك يغضبه، فيسعك أن تتعللي بعلة أخرى كالشغل بأمر من أمور البيت ونحو ذلك، لكن لا تجلسي معه حيث يقارف المنكر.
ثم اعلمي أنك إن نهيت عن المنكر فلم يستجب لك، ولم تستطيعي مفارقته، فلا إثم عليك في مجرد سماع صوت الموسيقى، ما لم تقصدي الاستماع.
قال الفقيه ابن حجر المكي: الممنوع إنما هو الاستِماع، لا مجرَّد السَّماع لا عن قصد وإصغاء، وقد صرَّح أصْحابنا بأنَّه لو كان فِي جواره شيءٌ من الملاهي المحرَّمة، ولا يمكنه إزالتها لا يلزَمه النقلة، ولا يأثَم بسَماعها لا عن قصدٍ. وصرَّحوا هاهنا بأنَّه إنما يأثَم بالاستماع لا بالسماع. انتهى.
والله أعلم.