عنوان الفتوى : إنكار الولد على أبيه الذي ينفق ماله فيما لا يفيد
أبي يهوى تربية طيور الحمام، ويكثر من الإنفاق عليها، سواء بشراء حمام جديد، أو بناء مكان ليعيشوا فيه، وهذا يستنزف المال دون عائد، حيث لا نربح من تربيتها شيئًا، وهذا على الرغم أننا أسرة دخلها أقل من المتوسط، ولا نملك أريحية إنفاق زائف على هواية. فهل هذا حلال؟ وهل يجب عليَّ أن أقف ضد ما يفعله أبي؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان إنفاق أبيك على الحمام يمنعه مما يجب عليه من النفقة على من تلزمه نفقتهم، فهذا حرام بلا ريب، ففي سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. وفي صحيح مسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ.
وأمّا إذا كان لا يقصّر فيما يجب عليه من النفقات الواجبة وغيرها من الحقوق المالية، فلا يحرم عليه الإنفاق على الحمام إلا إذا كان داخلاً في حد الإسراف، كما بينا ذلك في الفتوى: 17775.
وفي حالة ما إذا كان إنفاق أبيك على الحمام غير جائز، فعليك أن تنهاه عن ذلك، لكن برفق وأدب من غير إغلاظ ولا إساءة، فإنّ أمر الوالدين بالمعروف ونهيهما عن المنكر ليس كأمر ونهي غيرهما، قال ابن مفلح الحنبلي -رحمه الله- في الآداب الشرعية: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ، وراجع الفتوى: 134356.
والله أعلم.