عنوان الفتوى : إذا سافر الزوج نهارا فكيف يقسم بين زوجاته إذا رجع؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

عند عودة الزوج المعدد نهاراً، وقد خرج في نهار إحدى الزوجات، فهل يعود لزوجته التي لم يبت عندها نهارا، أم يذهب لزوجته الأخرى، وبالليل يعود لصاحبة المبيت التي سافر من عندها؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

يجب على الزوج أن يعدل بين نسائه في القسم، فيبيت عند هذه كما يبيت عند الأخرى.

وأساس القسم: الليل، والنهار تبع له، ويتسامح في خروج الرجل نهارا للحاجة والعمل، لأن النهار وقت المعاش.

قال ابن قدامة رحمه الله:

" وَعِمَادُ الْقَسْمِ اللَّيْلُ. لَا خِلَافَ فِي هَذَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّيْلَ لِلسَّكَنِ وَالْإِيوَاءِ، يَأْوِي فِيهِ الْإِنْسَانُ إلَى مَنْزِلِهِ، وَيَسْكُنُ إلَى أَهْلِهِ، وَيَنَامُ فِي فِرَاشِهِ مَعَ زَوْجَتِهِ عَادَةً ، وَالنَّهَارَ لِلْمَعَاشِ ، وَالْخُرُوجِ، وَالتَّكَسُّبِ ، وَالِاشْتِغَالِ ...

وَالنَّهَارُ يَدْخُلُ فِي الْقَسْمِ تَبَعًا لِلَّيْلِ ؛ بِدَلِيلِ قول عَائِشَة : (قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي ، وَفِي  يَوْمِي) وَإِنَّمَا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَارًا ...

وَإِنْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ بَعْضِ نِسَائِهِ فِي زَمَانِهَا: فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي النَّهَارِ، أَوْ أَوَّلِ اللَّيْلِ ، أَوْ آخِرِهِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِانْتِشَارِ فِيهِ ، وَالْخُرُوجِ إلَى الصَّلَاةِ : جَازَ ؛ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ يَخْرُجُونَ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ ، وَلِصَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِهِ ، وَأَمَّا النَّهَارُ ، فَهُوَ لِلْمَعَاشِ وَالِانْتِشَارِ .

وَإِنْ خَرَجَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ ، وَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ عَادَ ، لَمْ يَقْضِ لَهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي قَضَاءِ ذَلِكَ .

وَإِنْ أَقَامَ ، قَضَاهُ لَهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ إقَامَتُهُ لَعُذْرٍ؛ مِنْ شُغْلٍ أَوْ حَبْسٍ، أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا قَدْ فَاتَ بِغَيْبَتِهِ عَنْهَا" انتهى من "المغني" (10/242، 243)

وقال أيضا:

"وَأَمَّا الدُّخُولُ فِي النَّهَارِ إلَى الْمَرْأَةِ فِي يَوْمِ غَيْرِهَا ، فَيَجُوزُ لِلْحَاجَةِ ، مِنْ دَفْعِ النَّفَقَةِ ، أَوْ عِيَادَةٍ ، أَوْ سُؤَالٍ عَنْ أَمْرٍ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ ، أَوْ زِيَارَتِهَا لِبُعْدِ عَهْدِهِ بِهَا ، وَنَحْوُ ذَلِكَ ؛ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ، قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَيَّ فِي يَوْمِ غَيْرِي ، فَيَنَالُ مِنِّي كُلَّ شَيْءٍ إلَّا الْجِمَاعَ .

وَإِذَا دَخَلَ إلَيْهَا لَمْ يُجَامِعْهَا، وَلَمْ يُطِلْ عِنْدَهَا ... فَإِنْ أَطَالَ الْمُقَامَ عِنْدَهَا ، قَضَاهُ" انتهى.

وقال الإمام الشافعي رحمه الله:

"إن كان حاضرا ، فشُغل عن المبيت عندها : ابتدأ القسم ، كما يبتدئه القادم من الغيبة ، فيبدأ بالقسم للتي كانت ليلتها...

وإن كان عندها بعض الليل ، ثم قدم ، ابتدأ ، فأوفاها ما بقي من الليل ، ثم كان عند التي تليها في آخر الليل ، حتى يعدل بينهن في القسم" انتهى من "الأم" (5/281).

وبنظر جواب السؤال رقم: (153902).

وعلى هذا ، إذا سافر الزوج ، ثم عاد ؛ فإنه يعود إلى من كان عندها قبل السفر ليتم لها ما بقي من حقها الذي فات بسبب السفر ، ثم يقسم بعد ذلك .

حتى ذكر العلماء رحمهم الله أنه إذا رجع الزوج، وكانت النوبة على من سافر بها ؛ فإنه يبدأ بها، ولا يحتسب عليها بمدة السفر.

قال البهوتي رحمه الله :

"( وَيَقْسِمُ ) الزَّوْجُ ( لِمَنْ سَافَرَ بِهَا ) مِنْ زَوْجَاتِهِ ( بِقُرْعَةٍ إذَا قَدِمَ ) مِنْ سَفَرِهِ ( وَلَا يَحْتَسِبُ عَلَيْهَا بِمُدَّةِ السَّفَرِ ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ السَّابِقِ وَلَمْ تَذْكُرْ قَضَاءً" انتهى من "كشاف القناع" (5/228) .

والله أعلم .