أرشيف المقالات

الحبر ... إبراهيم

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
لو سألتني عن أعظم 'لفظة تعديل' عند الوالد -حفظه الله - لقلت لك قوله 'فلانٌ عنده عقل'، لذا فإن آكد 'ألفاظ التجريح' عنده'فلان ما عنده عقل
وقد سمعته يطلق اللفظة الأولى بكل حماسةٍ على الشيخ إبراهيم الحبر...الذي وافته المنيّة قبل ساعات...فرحمة الله رحمة واسعة وأدخله الجنة بغير حساب.
أعلم أن عيني والدي ستذرفان حين أنقل له هذا الخبر عندما يصحو من قيلولته... فقد أحب الشيخ إبراهيم حبّا عظيمًا...

لم يؤت الشيخ إبراهيم رحمه الله تدفّقا في الحديث ولا تنميقا وتزويقا للكلمات لكنه أوتي سيلا دافقًا من الحكمة والعلم والخبرة سيما في أمر الدعوة عامة وفي إفريقيا خاصة.

 
ولا أذكر الوالد يسأله عن خَبَرٍ إلا ويعطيه الشيخ خُبرا، ولا يسأله عن شخص إلا ويقول له الشيخ  'نعم قابلته' ثم يعطيه من خبره من خبره ما تعجب منه وله ...
لم يكن يزور الوالد الا وفي يده تمر أو فاكهة ...يحملها لدورين على كتفه، ثم عرفت أن هذه عادة لطيفة من عادات أهل منطقته...فيا لله ما أكرمه...وما أجمل تواضعه...
حدثني أحد المشايخ مرة عن دكتور كان يناقش الشيخ إبراهيم في أمر ما متعلق بالثقافة الغربية فقال له الشيخ تجد حديثا عنه في الكتاب الفلاني، يقول صاحبنا 'فوالله ما استطعت تجاوز أول صفحتين من الكتاب الذي ذكره الشيخ إبراهيم  بسبب  أسلوبه الثقيل الذي يذكرك بنحت الصخور،  ولا يقوى على فهمه كل أحد'
... لكن هكذا كان الشيخ إبراهيم... يُقدّر التفكير، ويُعمل عقله مع احترام جمّ للكتاب والسنة، فتخرج كلماته عليها نور حكمة، كل ذلك وهو يخلل بأنامله لحيته الغانمة...
والله لنفقدن كلماتك، وابتسامتك، وضحكتك، وتواضعك، وعقلك الراجح،
ووالله إن لك لبواكيَ حول العالم حول العالم يعلمهم جابر  القلوب  المكسورة، وعالِم الأخفياء الأنقياء...
أتمنى من أصدقاء الشيخ وطلابه والعاملين معه أن يتحفوا الناس بحديث عنه، حديثا طويلا مفصلا يستفيد منه الدعاء
 وطلاب  العلم  والعاملون في الدعوة حول العالم ...فيكون فيه معتبر...
رحم الله الشيخ إبراهيم رحمة واسعة وأدخله الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ...
 وحسن أولئك رفيقا... وألهم محبيه  الصبر  الجميل...
 بقلم: يوسف جعفر إدريس

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢