عنوان الفتوى : علاج وسواس الخوف من الأمراض
أعاني من وسواس الأمراض، وخاصة مرض السرطان، أكاد أنهار كل يوم لدرجة أنه يلاحقني حتى في أحلامي. التزمت بسورة البقرة والاستغفار والحوقلة أشعر بالاطمئنان، ولكن الخوف يعود لي مرة أخرى. هل أنا آثمة؟ هل هذا قلة ثقه بربي، أقسم أني أحب الله جدًا، وأؤمن به كثيرًا، وأنه يسمعني، ويرى ضعفي، وقلة حيلتي. وأدعوه دومًا أن يحفظ لي عافيتي، وأعوذ به من سيئ الأسقام، وأن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين وجميع المرضى. هل استغفاري بنية أن الله يتمم علي صحتي جائز؟ كما أني أقرأ سورة البقرة، وجعلتها صدقة لعافيتي. فهل يجوز ذلك؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تدفعي عن نفسك هذا الشعور، ولست -إن شاء الله- آثمة على ما يقع في قلبك من الخوف الذي لا تقدرين على دفعه، لكن عليك أن تأخذي بالأسباب المعينة على التخلص منه، ومن ذلك أن تستحضري رحمة الله بعباده، وتعلمي يقينا أنه سبحانه أرحم بعبده من الأم بولدها، وأنه سبحانه، وإن قدر على عبده شيئا من البلاء، فإنما يقدره عليه لما له في ذلك من المصلحة، فثقي بتدبير الله لك وكفايته إياك، واعلمي أن تدبيره لك خير من تدبيرك لنفسك، واختياره لك خير من اختيارك لنفسك، فيحملك هذا العلم على التفويض التام والتسليم الكامل لحكم الله الكوني القدري، فترضين بجميع ما يقدره ويقضيه؛ عالمة أنه الخير والرحمة والحكمة والمصلحة، وتمضين في حياتك واثقة أنه لا يكون إلا ما فيه الخير لك؛ لأن تدبير أمرك بيد من هو أعلم بمصلحتك منك، وأقدر على سوقها إليك منك، فاستشعارك رحمة الله تعالى، وتفكرك في صفات جماله سبحانه، وتفكرك فيما أولاك من النعم، وتفضل به عليك من صنوف الإحسان، يحملك على أن تؤملي الخير منه جل ذكره، ولا تنتظري من فيض جوده ووافر بره إلا ما هو الأصلح لك في دنياك وأخراك، وادفعيه عنك بما أنت مقيمة عليه من دعاء الله تعالى.
واجتهدي في طاعة الله تعالى، فإن طاعة الله تعالى من أسباب حفظ العبد من بلاء ومصائب الدنيا، كما في حديث ابن عباس الذي رواه الترمذي وغيره: احفظ الله يحفظك. ولا حرج عليك في الاستغفار وقراءة القرآن بقصد أن يدفع الله عنك الشر والبلاء.
والله أعلم.