عنوان الفتوى : كفارة الأيمان المتعددة
كنت دائما أحلف: والله لا آكل هذا الأكل، والله لا آكل؛ لأضعف، وهكذا، وكنت أحنث. هل تكفي كفارة واحدة؟ لدي إفرازات كثيرة. هل يجب علي التفتيش بعد كل صلاة لأعيدها؟ أو أتحرى وقتا أكون طاهرة فيه؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن سؤالك الأول: فإن كنت حلفت أيمانا متعددة على شيء واحد، ثم حنثت فيها، فعليك كفارة واحدة، وإن كنت حلفت، ثم حنثت، ثم حلفت ثم حنثت وهكذا، أو كنت حلفت أيمانا متعددة، على أشياء متعددة. فقد اختلف العلماء هل تجزئك كفارة واحدة في هذه الحال، أم عليك لكل يمين كفارة؟
جاء في الروض المربع مع حاشيته لابن قاسم: ومن لزمته أيمان قبل التكفير موجبها واحد، ولو على أفعال كقوله: والله لا أكلت، والله لا شربت، والله لا أعطيت، والله لا أخذت (فعليه كفارة واحدة؛ لأنها كفارات من جنس واحد، فتداخلت كالحدود من جنس، كما لو زنا ثم زنا، فلا يحد إلا مرة، هذا المذهب. وعنه: لكل يمين كفارة، وهو مذهب أكثر أهل العلم، وإن قال: والله لا أكلت ولا شربت ولا لبست، وحنث في واحدة وكفر، انحلت في البقية؛ لأنها يمين واحدة. قال في المبدع: بغير خلاف، وإن قال: والله لا أكلت، والله لا شربت، فحنث بإحداهما وكفر، ثم حنث في الثاني، لزمته كفارة ثانية. و(إن اختلف موجبها) أي موجب الإيمان، وهو الكفارة (كظهار ويمين بالله) تعالى (لزماه) أي الكفارتان (ولم يتداخلا) لعدم اتحاد الجنس، بل لكل يمين كفارتها، قال الشيخ: من كرر أيمانا قبل التكفير فروايات، ثالثها، وهو الصحيح إن كانت على فعل فكفارة وإلا فكفارات، ومثل ذلك الحلف بنذور مكفرة وطلاق مكفر. انتهى.
والأحوط بلا شك هو مذهب الجمهور، وأن تكفري عن كل يمين منها كفارة، إن كانت الأيمان متعددة، وإن جهلت عدد تلك الأيمان، فإنك تعملين بالتحري، فتكفرين عما يحصل لك معه اليقين أو غلبة الظن ببراءة ذمتك؛ لأن هذا هو ما تقدرين عليه، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
وأما سؤالك الثاني: فلا يجب عليك التفتيش والبحث عما إذا كانت الرطوبات قد خرجت أو لا، بل يكفيك استصحاب الأصل وهو عدم خروجها، ثم إن تحققت خروجها، فتوضئي للصلاة، ولا يلزمك الاستنجاء؛ لأن هذه الرطوبات طاهرة على الراجح، وانظري الفتوى رقم: 110928.
وإن كان خروجها مستمرا بحيث لا تجدين وقتا يتسع لفعل الصلاة بطهارة صحيحة، فتوضئي بعد دخول الوقت، وصلي ما شئت من الفروض والنوافل حتى يخرج ذلك الوقت، وانظري الفتوى رقم: 136434.
والله أعلم.