عنوان الفتوى : لا تعارض بين حلق رؤوس أولاد جعفر، والبراءة من الحالقة
الحمد لله وبعد: عن عبدالله بن جعفر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهل آل جعفر ثلاثا أن يأتيهم ثم أتاهم فقال، لا تبكوا على أخي بعد اليوم، ثم قال: ادعوا لي بني أخي، فجيء بنا كأنا أفرخ، فقال: ادعوا لي الحلاق، فأمره فحلق رؤوسنا} صحيح، ما هو شرح الحديث وكلماته وفقهه، وهل فيه تناقض بين براءة الرسول من الحالقة وبين فعله لأولاد الصحابي؟ وبالله التوفيق.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالحديث المسؤول عنه أخرجه أبو داود وصححه الألباني عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: أمهل آل جعفر ثلاثاً أن يأتيهم ثم أتاهم، فقال لا تبكوا على أخي بعد اليوم، ثم قال ادعوا لي بني أخي، فجيء بنا كأنا أفرخ، فقال: ادعوا لي الحلاق، فحلق رؤوسنا. ومعنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه الخبر بوفاة جعفر في مؤتة ترك أهله يبكون عليه ويحزنون ثلاثة أيام، وكان في ذلك دليلا على جواز البكاء والتحزن على الميت في هذه المدة، من غير ندبة ولا نياحة، ثم لما مرت هذه الأيام طلب بأن يؤتى ببني جعفر، وهم عبد الله وعوف ومحمد، فجيء بهم كأن شعر رؤوسهم يشبه زغب الطير، فأمر الحلاق أن يحلق رؤوسهم، وذلك إشفاقاً عليهم من الوسخ والقمل، لأن أمهم شغلت بمصابها في زوجها عن القيام بترجيل شعورهم، هذا مجمل ما ذكره صاحب عون المعبود في شرحه للحديث. وبهذا يتبين عدم التعارض بين هذا الحديث وحديث أبي بردة الذي اخرجه أحمد وحسنه الأرناؤوط وفيه: وأشهدكم أني بريء من كل حالقة. وذلك لأن الحلق في الحديث الأول مشروع في الأصل لأنه متعلق بالأطفال ولم يطرأ عليه ما يمنعه بينما الحلق في الحديث الثاني ممنوع من الأصل، لأنه متعلق بحلق رؤوس النساء، وتعضّد بمنع آخر وهو كونه وقع تعبيراً عن التضجر من المصاب، وبالتالي عدم الرضا بقضاء الله تعالى وقدره، وهذا هو وجه البراءة هنا، لأن الرضا بالقضاء من مقتضيات العقيدة، وعلى هذا استحق غير المسلِّم به هذه البراءة من النبي صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.