عنوان الفتوى : أحوال جواز سؤال الطلاق، وحقوق المطلقة
أنا مغتربة، ومتزوجة منذ 3 سنوات. لدي بنت عمرها سنتان، وحامل بالشهر الثامن، زوجي وحيد، مع 5 أخوات، وأهله حوالينا، ودائما عندهم هو الصغير المدلل، والوحيد عند أمه، وأخواته يغرن عليه مني. منذ أن تزوجنا، وهن في مشاكل ونكد معي، متسلطات علي. منذ فترة، أصبحت لا أرى أخواته، ولا أحكي معهن، ولا أتكلم عنهن بخير ولا شر، لكن زوجي يذهب دائما وبنتي معه، ويرجع معبأ، ولا يتحملني. وعندما يزرنني أقوم بواجب ضيافتهن، أهله دائما عندنا لمدة أشهر، وكلها مشاكل تصل للطلاق، وأظل أدعو أن يفرجها الله. زوجي منعني من أن أحكي مع كل أهلي وصواحبي باستثناء أمي وأخواتي، وممنوعة من أن أتعرف على أحد. أما هو فطول النهار في العمل، ويقضي بقية يومه في الاتصال على أخواته وأهله، ويشاهد التلفزيون، وينام، ولا يتحدث معي. مدمن على الأفلام الإباحية والعادة السرية، مع أني أحاول أن أفعل ما يرضيه، لكنه غالبا لا يقترب مني، وإذا حدث أن اقترب مني، يرجع لعادته مرة أخرى، في نفس اليوم، أو حتى قبل أن ينام. نفسيتي تعبت: غربة وهم، وزواج بلا فائدة، وأولادي قد كسروا يدي، يهددني بأخذهم مني إذا طُلقت. لما سألت محاميا قال: ترفعين عليه قضية طلاق، ويؤمنونك في مكان لا يصل لك فيه، ولا يأخذ الأولاد منك، ويأخذون نفقه شهرية للأولاد، ويؤمنون لي عملا أصرف منه. أعيش بألمانيا، يعني دولة غير مسلمة، ولا يوجد هنا أحد من أقاربي ومحارمي، ومن الصعب أن يأتي أحد منهم. وإذا خرجت من البلد بالأولاد يحبسوني، يعني مضطرة أظل مع أولادي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكرت من إساءة زوجك لعشرتك، ووقوعه في مشاهدة الأفلام الإباحية، والاستمناء المحرم، فلا حرج عليك في سؤاله الطلاق، أو الخلع، ولا يلحقك الوعيد المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: أَيّمَا امْرَأَة سَأَلت زَوجهَا الطَّلَاق من غير مَا بَأْس، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ.
قال المناوي -رحمه الله-: أَي فِي غير حَال شدَّة تدعوها لذَلِك.
وقال السندي -رحمه الله-: أَيْ فِي غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ مِنَ الْأَذَى مَا تُعْذَرُ فِي سُؤَالِ الطَّلَاقِ مَعَهَا.
وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: فكونها تطلب الطلاق من غير علّة شرعيّة، لا يجوز، الواجب عليها الصبر والاحتساب، وعدم طلب الطلاق.
أما إذا كانت هناك علة؛ لأنه يضربها ويؤذيها، أو لأنه يتظاهر بفسق وشرب المسكرات، أو لأنه لم تقع في قلبها محبة له، بل تبغضه كثيرًا ولا تستطيع الصبر، فلا بأس.
وأمّا خروجك من البيت، فلا يجوز بغير إذن زوجك ما دمت في عصمته إلا عند الضرورة، حتى لو حصل الطلاق وكان رجعياً، فعليك البقاء في بيته حتى تنقضي العدة، وانظري الفتوى رقم: 131422.
وعليه؛ فإقامتك في بيت مفرد مع أولادك، إن كان حال بقاء العصمة، فلا يجوز إلا بإذن الزوج، وأمّا إن كان بعد وقوع الفرقة بالطلاق أو الخلع، فهو جائز.
وإذا طلقك زوجك من غير شرط، فلك مهرك كله معجله ومؤجله، وسائر حقوق المطلقة المبينة في الفتوى رقم: 20270
وما دفعه إليك من الملابس، فلا حق له في الرجوع فيه بعد الطلاق، عند الجمهور.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: واختلف الفقهاء فيها لو كساها ثم طلقها، أو مات أو ماتت قبل أن تبلى الثياب، فهل له أن يسترجعها؟
فذهب الحنفية والمالكية وهو الأصح عند الشافعية، وأحد الوجهين عند الحنابلة، إلى أنه ليس له أو لورثته الاسترجاع؛ لأنه وفاها ما عليه ودفع إليها الكسوة بعد وجوبها عليه، فلم يكن له الرجوع فيها. اهـ.
والذي ننصحك به أن تصبري وتجتهدي في استصلاح زوجك، وإعانته على التوبة مما وقع فيه من المحرمات، والتفاهم معه حتى يعاشرك بالمعروف، ولا تطلبي الطلاق إلا بعد استفراغ الوسع في الإصلاح، فإنّ الطلاق ليس بالأمر الهين، فلا ينبغي أن يصار إليه إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح، وإذا استطاع الزوجان الاجتماع والمعاشرة بالمعروف، ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات، والتنازل عن بعض الحقوق، كان ذلك أولى من الفراق.
والله أعلم.