عنوان الفتوى : دلالة الواقع على كراهة نكاح الكتابية
أنا متزوج من أوكرانية غير مسلمة، وقد اشترطت علها أن يتبع الأبناء لي دينا ووافقت، والآن بعد أن أنعم الله علينا بولد عمره 5 سنوات تقول إنه نصراني وتمنعني من تعليمه الإسلام، وتقول لي إنها تريدني ولكن دون أن يكون الولد مسلما، علما بأني أقيم في أوكرانيا والقانون معها، فلا أدري ماذا أفعل؟ أجيبوني بارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالأصل أن يتزوج المسلم بامرأة مسلمة ليحصل الوفاق والانسجام، ويتربى الأبناء تربية إسلامية سوية، ويجوز للمسلم أن يتزوج امرأة كتابية (يهودية أو نصرانية) إذا كانت عفيفة، ولكن نص العلماء على كراهة ذلك. قال النووي رحمه الله في منهاج الطالبين: وتحل كتابية لكن تكره حربية، وكذا ذمية على الصحيح. وقال الشربيني في مغني المحتاج شارحاً للعبارة السابقة: ولكن تكره حربية ليست بدار الإسلام، لما في الإقامة في دار الحرب من تكثير سوادهم، ولأنها ليست تحت قهرنا، ولما في الميل إليها من خوف الفتنة، وكذا تكره ذمية على الصحيح لما مر من خوف الفتنة. ا.هـ وفي مثل حال السائل تظهر جلياً صحة أقوال فقهاء المسلمين في التنفير من زواج الكتابية في بلادهم. أما الولد بين الزوجين، فإنه يتبع أشرفهما ديناً، فالولد في هذه الصورة مسلمٌ قطعاً، سواء شرط على أمه ذلك أم لم يشرط، وإذا بلغ واختار دين أمه والعياذ بالله من ذلك، فإنه يكون مرتداً وليس كافراً أصلياً، وبهذا يظهر عظم الخطر الذي يتعرض له هذا الولد، وهذه أمانة ومسؤولية في عنق أبيه، والله عز وجل يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6]. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما من راعٍ يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. فنوصي الأخ السائل بأن يتقي الله عز وجل في ولده، ويجتهد في تخليصه من هذه الأم بأي سبيل، ويطلقها بعد ذلك. والله أعلم.