عنوان الفتوى : ماذا يلزم مَن أراد العمرة من مكة؟
عندي سؤال بخصوص العمرة ، فأنا أنوي العمرة -إن شاء الله-، فهل يجوز الغسل ولبس الإحرام من المدينة المنورة، ثم النية والوضوء والصلاة في الميقات؟ وماذا إذا نويت الإحرام للعمرة من مكة أيضًا: هل يجوز الغسل في الفندق واللبس، ثم الذهاب إلى مسجد السيدة عائشة للوضوء والنية؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الاغتسال ولبس ثياب الإحرام من المدينة قبل الوصول إلى الميقات فجائز، لا حرج فيه، فإذا وصلت إلى ميقات أهل المدينة، وهو ذو الحليفة، فإنك تحرم بالعمرة، ويستحب أن يكون ذلك عقب صلاة، مع العلم أنه لا حرج أيضًا في الإحرام من المدينة، أو من غيرها قبل الوصول إلى الميقات، وإن كان الأفضل تأخيره إلى الميقات، وانظر الفتوى: 119804.
وكذلك لا حرج على من كان داخل مكة أن يغتسل، ويلبس ملابس الإحرام، لكن عليه أن يخرج من الحرم إلى الحلّ؛ ليحرم بالعمرة من الحلّ؛ لأن الإحرام بالعمرة يكون من الحلّ، كالتنعيم أو غيره؛ لما ثبت في الصحيح من أمر النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بأخته عائشة إلى التنعيم حين أرادت العمرة بعد حجتها، فإن أحرم من داخل حدود الحرم، فعليه أن يخرج للحلّ ثم يعود ليعتمر، فإن اعتمر قبل أن يخرج إلى الحلّ، فعمرته صحيحة عند الجمهور، وعليه دم؛ لعدم إحرامه من ميقات العمرة، وهو الحلّ، جاء في نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (3/ 263): (فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ) إلَى أَدْنَى الْحِلِّ (وَأَتَى بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ) بَعْدَ إحْرَامِهِ بِهَا فِي الْحَرَمِ، انْعَقَدَتْ عُمْرَتُهُ جَزْمًا، وَ(أَجْزَأَتْهُ) هَذِهِ الْعُمْرَةُ عَنْ عُمْرَتِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِانْعِقَادِ إحْرَامِهِ، وَإِتْيَانِهِ بَعْدَهُ بِالْوَاجِبَاتِ (وَ) لَكِنْ (عَلَيْهِ دَمٌ) لِتَرْكِهِ الْإِحْرَامَ عَنْ الْمِيقَاتِ. انتهى.
وعند المالكية أنه لا تجزئه عمرته حتى يخرج إلى الحلّ، جاء في مواهب الجليل شرح مختصر خليل: مَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ، فَإِنَّ إحْرَامَهُ بِهَا يَنْعَقِدُ .. وَيُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ إلَى الْحِلِّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ، وَيَسْعَى لَهَا، فَإِنْ طَافَ وَسَعَى لِلْعُمْرَةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ إلَى الْحِلِّ، فَطَوَافُهُ وَسَعْيُهُ كَالْعَدَمِ، وَيُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِمَا بَعْدَ الْخُرُوجِ إلَى الْحِلِّ. اهـ.
والذي نفتي به هو مذهب الجمهور، وحاصله أن من أراد العمرة من مكة يجب عليه الخروج منها إلى الحلّ -التنعيم، أو غيره- ليحرم منه، ويجوز له أن يغتسل في مسكنه -الفندق- ويلبس فيه ملابس الإحرام، ثم يخرج إلى التنعيم، فيحرم منه، ويلزمه دم إذا لم يخرج إلى الحلّ، وانظر الفتوى: 125178.
والله أعلم.