عنوان الفتوى : معنى " لاَ تَتَنَقّبْ الَْمَرْأَةُ المحرمة، ولاَ تلبَسْ القُفّازَيْنِ "
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , أريد أن أسأل كيف تفسرون فضيلتكم هذا الحديث الشريف : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لاتَنتَقب المرأة المسلمة ولا تلبس القفازين. " رواه البخاري شكرا جزيلا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فهذا الحديث أخرجه مالك وأحمد والبخاري والترمذي والنسائي وغيرهم، وهذا لفظه عند البخاري ، وهو عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قامَ رَجُلٌ فَقالَ: يا رسولَ الله ماذَا تَأمُرُنَا أنْ نَلْبَسَ مِنَ الثّيَابِ في الحرمِ؟ فَقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: لا تلبَسوا القَمِيصَ ولاَ السّرَاويلاتِ ولا العَمَائمَ ولا البَرانِسَ، إلاّ أن يَكُونَ أحَدٌ لَيْسَ لَهُ نَعْلاَنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفّيْنِ وليقطع أَسْفَلَ مِنْ الكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا شَيْئاً مَسّهُ زعْفَرانُ ولاَ الوَرْسُ، ولاَ تَتَنَقّبْ الَْمَرْأَةُ المحرمة، ولاَ تلبَسْ القُفّازَيْنِ. فالحديث يختص بمحظورات الإحرام من اللباس على الرجل والمرأة، وليس النهي فيه عن لباس النقاب والقفازين للمرأة على إطلاقه، كما هو ظاهر من لفظ الحديث: ولاَ تَتَنَقّبْ الَْمَرْأَةُ المحرمة. وليس "المرأة المسلمة"، كما ورد في السؤال. واعلم أن النهي في الحديث إنما هو عن النقاب، وهو قطعة مفصلة بمقدار الوجه، ومثله البرقع أيضًا. هذا وقد جوَّز العلماء أن تسدل المرأة المحرمة على وجهها ما يستره من خمار ونحوه؛ فقد ثبت عن عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ: "كَانَ الرّكْبَانُ يَمُرّونَ بِنَا وَنحْنُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حاذَوْا بِنا سَدَلَتْ إحْدَانا جِلْبَابَها مِنْ رَأْسِها عَلَى وَجْهِها، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْناهُ. رواه أبو داود والبيهقي. وقال العلامة ابن القيم رحمه الله في حاشيته على سنن أبي داود : وأما نهيه صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر المرأة أن تنتقب وأن تلبس القفازين، فهو دليل على أن وجه المرأة كبدن الرجل، لا كرأسه، فيحرم عليها فيه ما وضع وفصل على قدر الوجه كالنقاب والبرقع، ولا يحرم عليها سترة بالمقنعة والجلباب ونحوهما وهذا أصح القولين. فإن النبي صلى الله عليه وسلم سوى بين وجهها ويديها، ومنعها من القفازين والنقاب، ومعلوم أنه لا يحرم عليها ستر يديها، وأنهما كبدن المحرم يحرم سترهما بالمفصل على قدرهما وهما القفازان، فهكذا الوجه إنما يحرم ستره بالنقاب ونحوه، وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم حرف واحد في وجوب كشف المرأة وجهها عند الإحرام، إلا النهي عن النقاب، وهو كالنهي عن القفازين فنسبة النقاب إلى الوجه كنسبة القفازين إلى اليد سواء. وهذا واضح بحمد الله. والله أعلم.