عنوان الفتوى :
أنا صيدلاني أعمل في مجال تخصصي، ولي إخوان ساعدتهم في العمل في مداخر الأدوية. أخي الصغير استغل هذا الشيء لصالحه، باستغلال سمعتي وسمعة إخوتي بالعمل بالأدوية بدون علمنا؛ فقام بإيهام بعض أصدقائه أنه يمكن تشغيل أموالهم بشراء الأدوية وتوزيعها على منفذ غير مرخص، بما يسمى المضمدين، وأن هذا العمل به أرباح كبيرة تصل 5٪من المبلغ الذي يأخذه منهم، وأن هذا المبلغ يدر ربحا كل أسبوع؛ فبالتالي ستكون زيادة الربح بشكل فاحش، يدعو أي شخص للقلق حيال هكذا عمل. وفي الحقيقية هو لم يقم بشراء أي دواء، ولم يوزع أي شيء، مجرد أنه أوهمهم بأن إخوته يعلمون بأمره، ويساعدونه بهذا الشيء، ونحن لا علم لنا به. فكان يأخذ مبلغا من شخص ويوزعه على شخص آخر، أو نفس مبلغ الشخص يعود على صاحبه لكن على شكل أرباح أسبوعية؛ فتزايدت أموال الناس، وزادت أرباحهم إلى أن وصل الأمر، واكتشفنا هذا الشيء بعد سنة تقريبا، فكانت الديون مبالغ كثرة جدا وصلت إلى 30 دفترا أمريكيا، موزعة على أكثر من شخص، فالأشخاص القدماء معه أصحاب المبالغ الكبيرة، والبقية كانوا حديثي التعامل، والكل نفس الاتفاق معهم. اجتمع أغلبهم وذهبوا إلى ما يسمى عندنا بالعراق شيخ العشيرة؛ لكي يلزمونا بدفع مبالغهم، أو إرجاع رأس مالهم. وحسب ما قاله أخي لنا -صاحب المشكلة- بأنه قام بإيصال مبالغ كبيرة جدا لهم، لكنهم أنكروا هذا الشيء، وأصروا على أن يأخذوا أموالهم كرأس المال الذي دخلوا معه به بالعمل الوهمي، بالرغم من إثباتنا لهم بأنه لم يكن يعمل أي شيء، وكانت وظيفته مقتصرة على شيء معين بالمدخر، ولا يستطيع بيع أو أخذ دواء بدون علم إخوتي معه بالمدخر. الحل الذي أصررت عليه أن هذا العمل ربا، ولكن بدون علمهم. واعترف أمامهم، وأخبرهم بأنه لم يقم بأي عمل، مجرد ورط نفسه بهكذا عمل ولم يستطع الخلاص منه، ولكيلا يصل الأمر إلينا نحن إخوته، كان يزيد عدد ضحاياه ليسد أفواه أشخاص لم يقتنعوا بأن هذا ربا، وطمعوا بأن ترد أموالهم كاملة، بالرغم من أن أخي قام بالحساب لكل شخص كم وصله من مبالغ منه، وكم أعطاه من أرباح، إلى أن وصلت بالبعض منهم أن سدد رأس ماله، والبعض الآخر تجاوز رأس ماله بالضعف، وآخرون لم تصلهم إلا مبالغ قليلة. فأردنا أن نحل الموضوع بما يحكمه كتاب الله والسنة، وهو أن لهم رؤوس أموالهم، ونسدد المتبقي، لكن لم نصل لقناعتهم، ولم نجد من يحكم شرع الله في هذا الأمر. أرجو مساعدتي بالحل والفتوى. وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسائل الخصومات، وقضايا المنازعات ،لا يكتفى فيها بالسؤال عن بعد، بل لا بد من رفعها إلى الجهات المسؤولة كالقضاء الشرعي -إن وجد- وإلا فأهل العلم حيث أنتم؛ ليذكر كل خصم حجته ودعواه.
لكن من حيث الإجمال نقول:
أولا: لا يلزمكم ضمان ما تحمله أخوكم في ذمته للناس، إلا أن تتبرعوا بذلك.
ثانيا: ما دام الأخ يأخذ الأموال مقابل ربح معلوم، مع ضمان رأس المال ولا يستثمرها، بل يأخذ من هذا ليعطي لغيره، تحايلا وخداعا، فالمعاملة باطلة، وليس لهم إلا رؤوس أموالهم. ومن أخذ رأس ماله، فليس له المطالبة بشيء زائد عنه.
والله أعلم.