أرشيف المقالات

تفسير: (قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا)

مدة قراءة المادة : 8 دقائق .
تفسير: (قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا)

♦ الآية: ﴿ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾.
♦ السورة ورقم الآية: الكهف (98).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ قَالَ ﴾ ذو القرنين لما فرغ منه: ﴿ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي ﴾ يعني: التَّمكين من ذلك البناء والتَّقوية عليه ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي ﴾ أجل ربي بخروج يأجوج ومأجوج ﴿ جَعَلَهُ دَكَّاءَ ﴾ كِسَرًا ﴿ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي ﴾ بخروجهم ﴿ حَقًّا ﴾ كائنًا.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ قَالَ ﴾ يعني ذا القرنين ﴿ هَذَا ﴾ أي السد ﴿ رَحْمَةٌ ﴾؛ أي: نعمة ﴿ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي ﴾ قيل: يوم القيامة، وقيل: وقت خروجهم ﴿ جَعَلَهُ دَكَّاءَ ﴾ قرأ أهل الكوفة "دكاء" بالمد والهمز؛ أي: أرضًا ملساء، وقرأ الآخرون بلا مدٍّ؛ أي: جعله مدكوكًا مستويًا مع وجه الأرض ﴿ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾ وروى قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة يرفعه: ((أن يأجوج ومأجوج يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غدًا، فيُعيده الله كما كان حتى إذا بلغت مدتهم، حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غدًا إن شاء الله، واستثنى فيعودون إليه، وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه، فيخرجون على الناس، فيتبعون المياه، ويتحصَّن الناس في حصونهم منهم، فيرمون بسهامهم إلى السماء فيرجع فيها كهيئة الدم، فيقولون: قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء، فيبعث الله عليهم نَغَفًا في أقفائهم، فيهلكون وإن دواب الأرض لتسمن وتَشْكَر من لحومهم شكرًا)) .
أخبرنا إسماعيل بن عبدالقاهر، أنبأنا عبدالغافر بن محمد الفارسي، أنبأنا محمد بن عيسى الجلودي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا محمد بن مهران الرازي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، عن يحيى بن جابر الطائي، عن عبدالرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه جبير بن نفير، عن النواس بن سمعان، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة، فخفض فيه ورفع حتى ظننَّاه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال: ((ما شأنكم؟))، قلنا: يا رسول الله ذكرت الدجال ذات غداة، فخفضت فيه ورفعت، حتى ظننَّاه في طائفة النخل، فقال: ((غير الدجال أخوفني عليكم؟ إن يخرج وأنا فيكم، فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم، فكلُّ امرئ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم إنه شاب قطط، عينه اليمنى طافية، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، إنه خارج خلة بين الشام والعراق، فعاث يمينًا وعاث شمالًا يا عباد الله! فاثبتوا))، قلنا: يا رسول الله، فما لبثه في الأرض؟ قال: ((أربعون يومًا يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم))، قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: ((لا، اقدروا له قدره))، قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟ قال: ((كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم، فيؤمنوا به، ويستجيبوا له، فيأمر السماء فتمطر الأرض، فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرى، وأسبغه ضروعًا، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم، فيردون عليه قوله، قال: فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين، ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة، فيقول لها: أخرجي كنوزك فيتبعه كنوزها كيعاسيب النخل، ثم يدعو رجلًا ممتلئًا شبابًا، فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل ويتهلَّل وجهه ويضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي باب دمشق بين مَهْرُورَتين واضعًا كفَّيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه مثل جمان اللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد من ريح نَفَسِه إلا مات، ونَفَسُه ينتهي حيث ينتهي طَرْفُه، فيطلبه حتى يدركه بباب لُدٍّ فيقتله، ثم يأتي عيسى قوم قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى إني قد أخرجت عبادًا لي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرِّز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمرُّ آخرهم فيقول: لقد كان بهذه مرة ماء، ويحصر نبي الله وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرًا من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النَّغَف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زَهَمُهم ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيرًا كأعناق البُخْت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطرًا لا يَكُنُّ منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة، ثم يُقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك، فيومئذٍ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحًا طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة)).
وبهذا الإسناد حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا علي بن حجر السعدي، حدثنا عبدالله بن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر والوليد بن مسلم بن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر بهذا الإسناد نحو ما ذكرنا، وزاد بعد قوله: - لقد كان بهذه مرة ماء –((ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر، وهو جبل بيت المقدس فيقولون: لقد قلنا من في الأرض هلم فلنقتل من في السماء فيرمون بنشابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دمًا)).
وقال وهب: إنهم كانوا يأتون البحر فيشربون ماءه ويأكلون دوابه، ثم يأكلون الخشب والشجر، ومن ظفروا به من الناس، ولا يقدرون أن يأتوا مكة ولا المدينة ولا بيت المقدس.
أخبرنا عبدالواحد المليحي، أنبأنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أنبأنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، أنبأنا أحمد، أنبأنا أبي، أنبأنا إبراهيم عن الحجاج بن حجاج، عن قتادة، عن عبدالله بن أبي عتبة، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليحجن البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج)).
وفي القصة: أن ذا القرنين دخل الظلمة فلما رجع توفي بشهر زور وذكر بعضهم: أن عمره كان نيفًا وثلاثين سنة.
تفسير القرآن الكريم

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣