عنوان الفتوى : سبيل التوبة من فوائد الربا والمال الحرام
لي مبلغ من المال في أحد البنوك وقد أخذت فائدته وصرفتها ثم ندمت على هذا وقد عزمت على عدم أخذها مرة أخرى وتحويل نوع التعامل مع البنك إلى شكل آخر بدون فائدة الآن وقد أخرجت على مالي فائدة أخرى كيف أتصرف فيها كنت أريد أن أتصدق بها ولكن الله طيب لا يقبل إلا طيبا فكيف أتصرف قال لي أحد الناس يمكن صرفها في منافع المسلمين أشياء دون الطعام والشراب مثل دفع فواتير كهرباء أو غاز لغير القادرين فهل هذا ممكن وكيف أستطيع أن أتوب من مال الفائدة الأخرى التي قد أخذتها؟ أفتوني أثابكم الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فأكل الربا كبيرة من كبائر الذنوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. أخرجه مسلم عن جابر رضي الله عنه. والنصوص في هذا كثيرة. والفائدة التي ذكرها السائل ربًا محرم، فعليه أن يتخلص منها بصرفها في مصالح المسلمين العامة أو بإعطائها للفقراء والمساكين، ولكن ليس بنية الصدقة؛ لأنها مال حرام غير مملوك، بل بنية التخلص منها. كما على الأخ السائل أن يتخلص من الفائدة السابقة التي قد تصرف بها من قبل، فيخرج قدرها في نفس المصرف المذكور، وهو مصالح المسلمين. قال القرطبي رحمه الله في الجامع لأحكام القرآن: قال علماؤنا: إن سبيل التوبة مما بيده من الأموال الحرام، إن كانت من ربًا فليردها على من أربى عليه ويطلبه إن لم يكن حاضرًا، فإن أيس من وجوده فليتصدق بذلك عنه، وإن أخذه بظلم فليفعل كذلك في أمر ظلمه، فإن التبس عليه الأمر ولم يدر كم الحرام مما بيده فإنه يتحرى قدر ما بيده مما يجب عليه رده، حتى لا يشك أن ما بقي قد خلص له... إلى أن قال رحمه الله: فإن أحاطت المظالم بذمته وعلم أنه وجب عليه من ذلك ما لا يطيق أداءه أبدًا لكثرته، فتوبته أن يزيل ما بيده أجمع، إما إلى المساكين، وإما إلى ما فيه صلاح المسلمين. إلى آخر كلامه رحمه الله. والله أعلم.