عنوان الفتوى : حكم عيادة غير المسلم
مرض أحد جيرانِنا من غير المسلمين فأردتُ أن أزوره فمنعني بعض الإخوة، فما رأي الدين في ذلك ؟
بناء على مبدأ التعامُل مع غير المسلمين المُسالِمين حسب ما أوضحه لقرآن والسُّنّة، وما جرى من تعامل النبي ـ صلّى الله عليه وسلم مع اليهود ـ تحدّث العلماء عن حكم عيادة المريض منهم، ولخّص النووي ذلك في كتابه ” الأذكار ص254 ” فقال : اعلَم أن أصحابنا ـ الشافعيّة ـ اختلفوا في عيادة الذِّمِّيِّ، فاستحبَّها جماعة، ومنعها جماعة ـ وذكر الشاشي الاختلاف ثم قال : الصواب عندي أن يقال: عيادة الكافر في الجملة جائزة، والقُربة ـ أي الثواب ـ فيها موقوفة على نوع حُرمة تقترن بها من جوار أو قرابة.
قال النووي : قلت هذا الذي ذكره الشاشي حسن، فقد روينا في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: كان غلام يهودي يخدُم النبيَّ، صلّى الله عليه وسلّم، فمرِض فأتاه النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يعودُه، فقعد عند رأسه فقال له: ” أسْلِمْ ” فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال: أطِعْ أبا القاسِم، فأسَلَمَ فخرج النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وهو يقول : ” الحمد لله الذي أنقذَه من النار ” . وروينا في صحيحي البخاري ومسلم عن المسيب بن حزن والد سعيد بن المسيب ـ رضِي الله عنه ـ قال : لما حضرتْ أبا طالِبٍ الوفاة جاءَه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: ” يا عَمّ، قل لا إله إلا الله … ” وذكر الحديث بطولِه.
يقول النووي: فينبغي لعائدِ الذِّمِّيّ أن يرغِّبه في الإسلام، ويبيِّن له محاسِنَه، ويحثّه عليه، ويحرّضه على معالجته قبل أن يصير إلى حال لا ينفعه فيه توبته، وإن دعا له دعا بالهداية ونحوها. انتهى ما قاله النووي.
وبناء عليه لا مانع من عيادة المريض غير المسلم، فليست مكروهة ولا محرمة يُعاقَب عليها، والأجر من الله يكون إذا جاء أمر بها، وعيادة الجار من ضمن حقوقه المأمور بها، وكذلك الوالدان، حيث الأمر موجود بمصاحبتهما بالمعروف ومنه عيادتهما، قال تعالى ( وإنْ جاهَدَاكَ على أن تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وصاحِبْهما فِي الدّنْيا مَعروفًا ) ( سورة لقمان : 15 ) .