عنوان الفتوى : حكم توزيع الأب ماله على بناته في حياته مع اشتراط وضعه في البنك الإسلامي ليأخذ الربح له
يريد أبي أن يوزع ماله علينا في حياته، على صورة ودائع بنكية في بنك فيصل، على اشتراط أن يبقى المال في البنك؛ ليأخذ هو الربح، فهل يجوز ذلك؟ وهل يعد ذلك تحايل في مسألة توزيع الإرث؟ مع العلم إننا بنات وليس معنا إخوة أولاد.
الحمد لله.
أولا:
يجوز للإنسان توزيع ماله في حياته بين أولاده بشرط ألا يقصد حرمان وارث كحرمان أخيه أو إخوته في حال كون أولاده إناثا.
وهذا التوزيع هو من باب الهبة، ولا تتم الهبة إلا بالقبض، بحيث يمكن للبنات التصرف فيما أعطين، تصرف الملاك، إلا أن الأب يجوز أن يهب لولده الصغير الذي لم يبلغ ويقبض له، كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (262580).
ثانيا:
إذا كان الأب سيسجل المال بأسمائكن، ويشترط بقاءه في البنك لينتفع بالربح ما دام حيا، فحقيقة تصرفه أن المال هبة معلقة على الموت، وتعليق الهبة لا يصح عند الجمهور، كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم:(281972).
ولو وصى بذلك بعد موته، فهي وصية محرمة لأنها وصية لوارث، ولا تنفذ إلا بموافقة بقية الورثة.
قال في "شرح منتهى الإرادات"(2/456):
" (وتحرم) الوصية (ممن يرثه ، غير زوج ، أو) غير (زوجة ، بزائد على الثلث لأجنبي، ولوارث بشيء) ، نصا [أي : نص عليه الإمام أحمد] ، سواء كانت في صحته أو مرضه.
أما تحريم الوصية لغير وارث بزائد على الثلث، فلقوله صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال: أوصي بمالي كله؟ قال: (لا. قال فالشطر؟ قال لا. قال: فالثلث. قال: الثلث والثلث كثير) الحديث " متفق عليه.
وأما تحريمها للوارث بشيء فلحديث " (إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث) " رواه الخمسة إلا النسائي من حديث عمرو بن خارجة وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي أمامة الباهلي .
(وتصح) هذه الوصية المحرمة ، (وتقف على إجازة الورثة) ، لحديث ابن عباس مرفوعا : (لا تجوز وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة) . وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا : (لا وصية لوارث إلا أن تجيز الورثة) رواهما الدارقطني.
ولأن المنع لحق الورثة. فإذا رضوا بإسقاطه نفذ" انتهى.
ثالثا:
إذا كان والدك يقصد بهذا التصرف أن يحرم بقية الورثة من الميراث ، فإنه عمل محرم .
قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله: " لَيْسَ من أَخْلَاق الْمُؤمنِينَ الْفِرَار من أَحْكَام الله بالحيل الموصلة إِلَى إبْطَال الْحق" نقله العيني في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (24/ 109).
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/484) : "ربي رزقني ولله الحمد بأربع بنات قصر (10، 8، 5، 3 سنوات) وزوجة، ولي شقيقة متزوجة ولها أولاد، وأمتلك عمارة من أربع شقق، فكتبت عقد بيع بيني وبين زوجتي بقيمة ثلث العمارة، وكتبت عقد بيع آخر بيني وبين زوجتى قابلة للشراء للبنات بقيمة الثلث الثاني. الثلث الأول للزوجة، والثلث الثاني للبنات، وتركت الثلث الثالث. وطبعا أصارحكم القول بأنني لم أستلم أي مبلغ، والغرض من ذلك حتى لا ينازعهم أحد في الميراث، لأنهم بنات (أي: ذرية ضعفاء) فما حكم ذلك؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الجواب:
لا يجوز للإنسان أن يتخذ إجراء عقد توليج لماله، لحرمان بعض الورثة. والله سبحانه وتعالى مطلع على كل عبد ونيته وقصده، ونحذرك أن تسلك طريقا تعذب بسببه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم.
بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
فانصحي لوالدك أن يدع المال باسمه، وأن يترك أمر الميراث ليقسم في وقته كما أمر الله تعالى.
رابعا:
لا يجوز الإيداع في حساب التوفير أو الاستثمار في أي بنك إلا بعد التأكد من كونه يستثمر المال في طرق مشروعة، والبنك المذكور- بحسب تقريره المالي المنشور- يضع جزءا كبيرا من الأموال في أذونات الخزانة الحكومية، وهي ربا صريح.
والله أعلم.