أرشيف المقالات

خاتمة سيئة وأخرى حسنة - ملفات متنوعة

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .

يقول أحد العاملين في مراقبة الطرق السريعة ، فجأة سمعنا صوت ارتطام قوي فإذا بسيارة مرتطمة بسيارة أخرى ، حادث لا يكاد يوصف شخصان في السيارة في حالة خطيرة أخرجناهما ووضعناهما ممدين أسرعنا لإخراج صاحب السيارة الثانية فوجدناه قد فارق الحياة ، عدنا للشخصين فإذا هم في حالة الإحتضار ، هبّ زميلي يلقنهم الشهادة ولكن ألسنتهم ارتفعت بالغناء ، أرهبني الموقف وكان زميلي على عكسي يعرف أحوال الموت فأخذ يعيد عليهما الشهادة وهما مستمران في الغناء , لا فائدة بدأ صوت الغناء يخفت شيئا فشيئا سكت الأول فتبعه الثاني ، فقد الحياة لا حراك .


يقول لم أر في حياتي موقفا كهذا حملناهما في السيارة قال زميلي إن الإنسان يختم له إما بخير أو شر بحسب ظاهره وباطنه ، قال فخفت من الموت واتعظت من الحادثة وصليت ذلك اليوم صلاة خاشعة.


قال : وبعد مدة حصل حادث عجيب ، شخص يسير بسيارته سيراً عادياً و تعطلت سيارته في أحد الأنفاق المؤدية إلى المدينة فترجل من سيارته لإصلاح العطل في أحد العجلات ، جاءت سيارة مسرعة وارتطمت به من الخلف فسقط مصاباً إصابات بالغة فحملناه معنا في السيارة ، وقمنا بالإتصال بالمستشفى لاستقباله ، شاب في مقتبل العمر متدين يبدو ذلك من مظهره ، وعندما حملناه ، سمعناه يهمهم ، فلم نميز ما يقول ولكن عندما وضعناه في السيارة سمعنا صوتا مميزا ، إنه يقرأ القرآن وبصوت ندي سبحان الله ! لا تقول هذا مصاب الدم قد غطى ثيابه وتكسرت عظامه بل هو على ما يبدو على مشارف الموت ، استمرّ يقرأ بصوت جميل يرتل القرآن ، فجأة سكت ، التفتُّ إلى الخلف فإذا به رافع إصبع السبابة يتشهد ثم أحنى رأسه ، قفزت إلى الخلف لمست يده ، قلبه ، أنفاسه ، لا شيء ، فارق الحياة !!

نظرتُ إليه طويلاً ، سقطت دمعة من عيني ، أخبرت زميلي أنه قد مات، انطلق زميلي في البكاء أما أنا فقد شهقت شهقة وأصبحت دموعي لا تقف ، أصبح منظرنا داخل السيارة مؤثرا وصلنا إلى المستشفى ، أخبرنا كل من قابلنا عن قصة الشاب ، الكثير تأثروا ذرفت دموعهم أحدهم لما سمع قصته ذهب وقبل جبينه ، الجميع أصروا على الجلوس حتى يصلى عليه.


اتصل أحد الموظفين بمنزل المتوفى كان المتحدث أخوه قال عنه أنه يذهب كل أثنين لزيارة جدته الوحيدة في القرية كان يتفقد الأرامل والأيتام والمساكين , كانت تلك القرية تعرفه فهو يحضر لهم الكتب والأشرطة و كان يذهب وسيارته مملوءة بالأرز والسكر لتوزيعها على المحتاجين حتى حلوى الأطفال كان لا ينساها وكان يرد على من يثنيه عن السفر ويذكر له طول الطريق كان يرد عليه بقوله إنني أستفيد من طول الطريق بحفظ القرآن ومراجعته وسماع الأشرطة النافعة وإنني أحتسب إلى الله كل خطوة أخطها .
يقول ذلك العامل في مراقبة الطريق كنت أعيش مرحلة متلاطمة الأمواج تتقاذفني الحيرة في كل اتجاه بكثرة فراغي وكنت بعيداً عن الله فلما صلينا على الشاب ودفناه وأستقبل أول أيام الآخرة استقبلت أول أيام الدنيا ، تبت إلى الله عسى أن يعف عما سلف و أن يثبتني على طاعته وأن يختم لي بخير.




شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير