من أحكام أولاد المسلمين ونسبهم في الخارج
مدة
قراءة المادة :
11 دقائق
.
من أحكام أولاد المسلمينونسبهم في الخارج
من المسائل التي تشكل على بعض المسلمين في بلد الكفر إذا أسلم أحد الزوجين، فهل يلحق الولد بأمه أم بأبيه، وكذلك زواج بعض المسلمين من نساء نصرانيات دون عقد، ثم ينجبان الأولاد، وغيرها من المسائل.
وهذه بعض الفتاوى من اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية في موضوع الأولاد:
السؤال التاسع من الفتوى رقم (2387)، يقول السائل: قيل إن المولود يتبع أباه في النسب ويتبع أمه في الحرية والرق، ثم رأيت في كتاب (عدة الباحث في أحكام التوارث) تأليف الشيخ/ عبدالعزيز بن ناصر الرشيد، أنه يتبع خير والديه في الدين والولاء، ويدل ذلك على أن الولد إذا مات قبل سن الصلاة يتبع والده إن كان مسلماً، فيصلى عليه ولو لم تكن أمه مسلمة، أو يتبع أمه إن كانت مسلمة فيصلى عليه ولو لم يكن أبوه مسلماً (كما فهمت أنا)، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي الأدلة من الكتاب والسنة في هذه الأوجه الثلاثة؟
الجواب: ما ذكر من التبعية تظهر آثاره في الأحكام الدنيوية من إرث أو عدمه، ومن صلاة الجنازة على من مات من الأولاد قبل سن التكليف، وتغسيله ودفنه في مقابر المسلمين أو عدم ذلك، ولا تناقض في ذلك بين العبارة الأولى وعبارة فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن ناصر الرشيد في كتابه (عدة الباحث) التي نصها: (والولد يتبع أمه في الحرية والرق، ويتبع خير أبويه في الدين، وفي الولاء والنسب يتبع أباه).
وما فهمته من أن الولد يتبع المسلم منهما سواء كان أباً أم أماً فيغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين ولو كان الطرف الآخر كافراً فهم صحيح، كما لو كانا مسلمين تغليباً لجانب الإسلام؛ لأن الولد يولد على فطرة الإسلام؛ لقول الله سبحانه: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30]، ولقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ..
الحديث" [1].
وأما تبعيته لأبيه في النسب ولأمه في الحرية والرق فدليله الإجماع العملي جيلاً بعد جيل، ولعموم قوله تعالى: ﴿ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [الأحزاب: 5][2].
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
عضو
نائب الرئيس
الرئيس
عبدالله بن قعود
عبدالله بن غديان
عبدالرزاق عفيفي
عبدالعزيز بن باز
الفتوى رقم (10663)، يقول السائل: رجل تزوج بامرأة فرنسية بدون عقد شرعي، ثم ولدت منه أولاداً، وبعد ذلك تاب إلى الله وأراد أن يجدد زواجه بنفس المرأة بالعقد الشرعي، فهل يعد أولاده السابقون أولاد زنى، وهل يجوز أن يمكثوا معه في هذه الحالة، وهل يجوز أن يصارحهم بأنهم ليسوا أبناء شرعيين؟ أفتونا مأجورين.
الجواب: الأولاد الذين ولدوا قبل عقدك الشرعي على المرأة يعتبرون أولاد زنا، وإذا أخبرت الأولاد بالواقع فلا شيء في ذلك، وأما بقاؤهم والإنفاق عليهم والإحسان بقدر المستطاع فهذا أمر طيب بعد توبة كل منكما إلى الله، وإذا رغبتما الزواج جاز إجراؤه بعد توفر أركانه وشروطه وانتفاء موانعه، وهم لا ذنب لهم فيما حصل[3].
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
نائب الرئيس
الرئيس
عبدالله بن غديان
عبدالرزاق عفيفي
عبدالعزيز بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (18147)، يقول السائل: قد شاع في بعض البلدان نسبة المرأة المسلمة بعد الزواج إلى اسم زوجها أو لقبه، فمثلاً تزوجت زينب زيداً، فهل يجوز لها أن تكتب (زينب زيد)؟ أم هي من الحضارة الغربية التي يجب اجتنابها والحذر منها؟
الجواب: لا يجوز نسبة الإنسان إلى غير أبيه، قال تعالى: ﴿ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [الأحزاب: 5]، وقد جاء الوعيد الشديد على من انتسب إلى غير أبيه.
وعلى هذا فلا يجوز نسبة المرأة إلى زوجها كما جرت العادة عند الكفار، ومن تشبه بهم من المسلمين[4].
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
أعضاء
نائب الرئيس
الرئيس
بكر أبو زيد/صالح الفوزان/ عبدالله بن غديان
عبدالعزيز آل الشيخ
عبدالعزيز بن باز
السؤال الحادي عشر من الفتوى رقم (2292)، يقول السائل: منعت الحكومة البريطانية منعاً باتاً دخول الأجانب في بريطانيا، إلا الذي له ابن صغير أو بنت صغيرة، فمسموح لهم الدخول، وقد فعل بعض المسلمين من الأجانب أن نسبوا أولاد غيرهم إلى أنفسهم، أو يدعي الأخ لأخيه أنه أبوه، أو العم لابن أخيه أنه أبوه، وهكذا يغيرون الأنساب، ليسهل عليهم الدخول في بريطانيا، ما حكم هذه الحيلة؟
الجواب: إذا كان الواقع كما ذكر، فلا يجوز أن يدعي مسلم أن فلاناً ابنه أو ابنته والواقع ليس كذلك، ولا يكون بذلك ولداً له، بل ذلك كذب وزور، وقد أمرنا الله أن ندعو الأولاد وننسبهم لآبائهم، قال تعالى: ﴿ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 5]، وليس له أن يقول ذلك تأولاً؛ ليكون له مندوحة عن الكذب؛ لأنه لا حاجة تدعوه إلى استعمال المعاريض، فإن أرض الله واسعة، وعلى من كان في بلاد الكفار أن يخرج منها، وعلى من كان خارجها ألا يدخلها إلا لضرورة أو مصلحة إسلامية كالدعوة إلى الله؛ محافظة على دينه، وبعداً عن الفتن، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب[5].
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
عضو
نائب الرئيس
الرئيس
عبدالله بن قعود
عبدالله بن غديان
عبدالرزاق عفيفي
عبدالعزيز بن باز
الفتوى رقم (21328)، يقول السائل: نحن زوج وزوجة نعيش في تايوان وليس لدينا أولاد، وقد بلغنا الأربعين سنة، ونرغب أن نتبنى طفلاً مهجوراً حديث ولادة، وبنتاً عمرها ثلاث سنوات، وكلاهما ليسا من عائلة واحدة، وقد ناقشنا هذا الموضوع مع إمامنا في تايبيه، فأحالنا إلى سماحة المفتي في المملكة للحصول على رأي سديد في الموضوع، نرجو التكرم بإفادتنا برأيكم في الموضوع، وعن كيفية معاملتنا معهما من الصغر إلى أن يبلغا؟ ونسأل الله أن يرشد جميع المسلمين إلى سواء السبيل، جزاكم الله خيراً.
الجواب: لا يجوز لكما تبني الطفل المهجور ولا البنت المذكورة، ولا غيرهما من الأولاد الذين ليسوا أولاداً شرعيين لكما؛ لأن الله حرم التبني في الإسلام، وأبطل التبني الذي كان معمولاً به في الجاهلية وأول الإسلام، ومن ذلك تبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزيد بن حارثة، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ﴾، كما حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على كل مسلم ومسلمة أن ينسب إنساناً له أو إلى غيره وهو ليس كذلك، أو يدعي نسبه إلى شخص أو قبيلة وهو كاذب، ويدل على ذلك ما رواه أبو ذر - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ نَسَبٌ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"[6].
وفي رواية: "إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرَى أَنْ يَدَّعِى الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ..."[7].
فالواجب أن يُنسب كل شخص إلى أبيه، فإن لم يكن له أب معروف وكان له ولاء نسب إليه، فإن لم يكن له ولاء دعي باسم الأخوة في الدين، فيقال له: يا أخي، أو يا أختي؛ لقول الله تعالى: ﴿ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 5].
والمشروع لكما الإحسان إليهما وحضانتهما إن لم يكن لهما أحد من ذويهما يكفلهما، ولكما الأجر والثواب عند الله على ذلك، وإن بقيا عندكما حتى البلوغ ولم يكن بينكما رضاع محرم فإنهما أجنبيان منكما، لا يحل للزوج أن يخلو بالمرأة ولا النظر إليها، ولا يحل للزوجة أن تخلو بالرجل ولا نظرها إليه أو نظره إليها، ويجب على المرأة أن تتحجب الحجاب الشرعي عن الرجل، وكذلك لا يجوز السفر بهما بدون محرم، وكذلك الشأن بين الطفل والطفلة إذا بلغا، وليس بينهما رضاع محرم هي أجنبية منه، لا يجوز الخلوة بينهما، ويجب على المرأة أن تتحجب منه الحجاب الشرعي، ولا يجوز له أن يسافر بها بدون محرم، كما لا يجوز لكما أن تليا عقد نكاحها، فإن لم يكن لها ولي من النسب أو وصي شرعي عليهما ولا عصبة، فالمرجع في ذلك إلى الإمام أو نائبه كالقاضي[8].
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
عضو
عضو
الرئيس
بكر أبو زيد
صالح الفوزان
عبدالله بن غديان
عبدالعزيز بن باز
[1] رواه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، البخاري في صحيحه برقم (1358) ومسلم في صحيحه برقم (2658).
[2] فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (20/341-343) برقم 2387.
[3] فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (20/394-395) برقم 10663.
[4] فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (20/378) برقم 18147.
[5] فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (20/379-380).
[6] صحيح البخاري برقم (3508) وصحيح مسلم برقم (61).
[7] صحيح البخاري برقم (3509).
[8]فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (20/391-394).