عنوان الفتوى : محاذير تعلق القلب بشخصية كرتونية وحكم مشاهدتها
أنا فتاة طالبة علم، وأحب المطالعة في أمور الدين، أحب شخصية كرتونية كثيراً، وأتمنى أن أكون معه في الجنة؛ وذلك لأن أصحاب الجنة لهم كل ما تمنوه في الدنيا، ولم يستطيعوا الحصول عليه، ولكن أيضاً أتمنى الزواج من شاب ملتزم، يدرس الشريعة، وأنا معجبة به لأخلاقه، وأتمنى دخول الجنة معه. فهل هذا مستحيل؟ وماذا علي أن أفعل؟ أنا أغض بصري كثيراً، ولكن هذا الشاب أفكر فيه، وأنا أغض بصري، وأدعو الله أن يجعله نصيبي، لكن هو ملتزم، ويغض بصره. فإذا لم تُستجب دعوتي في الدنيا فماذا أفعل؟ هذه الأمنيات تدفعني لسوابق بالخيرات بشكل عجيب.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرتِ من تعلق قلبكِ بهذه الشخصية الكرتونية، وتحديثك نفسك بالطاعات للاجتماع بها في الآخرة، أمر غريب، فهي ليست شخصية حقيقية حتى تكون مكلفة ومن أهل الجنة، ويبدو أن هنالك مدخلًا للشيطان في هذا الأمر؛ ليربط قلبك بهذه الشخصية، ويوقعك في نوع من العشق لها، ومِن مَكر الشيطان وكيده استدراجُ المرء حتى يوقعه في حباله؛ ولذا حذر منه رب العزة فقال: وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ {البقرة:208}. فاصرفي قلبكِ عن التفكير فيها، وجاهدي نفسك في طاعة الله تعالى، وستجدين منه التوفيق، قال سبحانه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}. وانظري محاذير تعلق القلب بغير الله تعالى في الفتوى رقم: 282637.
هذا، والأفلام الكرتونية لا تخلو في الغالب من محاذير شرعية تقتضي المنع من مشاهدتها، وقد سبقت الإشارة إلى بعض هذه المحاذير في الفتوى رقم: 110537 فراجعيها، ووجود الموسيقى واحد من هذه المحاذير.
وفي مشاهدة هذه الأفلام الكرتونية تضييع للأوقات فيما لا يرضي رب الأرض والسموات، وحتى لو كان فيها نفع فإنها قد تُفَوِّت على المسلم ما هو أنفع، ووقت المسلم أغلى من أن يضيع في مثل هذا، روى البخاري عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ.
وأما تمني الزواج من شاب معين لتدينه وأخلاقه، فلا مانع من أن تدعو المرأة بأن ييسر لها الزواج منه، وأن يكونا معا في الجنة. وانظري الفتوى رقم: 103765. ولا حرج عليها أيضا في السعي للزواج منه بالضوابط والطرق الشرعية التي تحفظ عليها حياءها وكرامتها. وراجعي في ذلك الفتويين: 138279 / 108281.
وإن لم يكن ذلك متيسرا، فإننا ننصحك بأن تشغلي نفسك بالنافع المفيد بدلاً من أن تشغليها بَمن تعلقتِ به، ثم ما يدريكِ ما الخير لكِ؟ ولعل الخير لكِ في شخص آخر غير هذا، فسلي الله من فضله، وفوضي الأمر إليه.
والله أعلم.