عنوان الفتوى : والد تحرش بابنته فطرده أولاده من البيت
اتهم شخص من ابنته بأنه يتحرش بها واغتصبها بدون أي دليل مادي، لكن الأدلة الظرفية تشير لقيامه بهذا، فذهب أبناؤه وزوجته للشرطة، واشتكو عليه دون أن يتبينو الحقيقة، وطردوه من البيت، وعند التحقيق معه أصر على براءته، لكن ليس لديه دليل ولا البنت لديها، فهل شرعا هذا الذي تصرفوه معه يرضي رب العالمين؟ وهل يحق لزوجته هجره أو طلب الطلاق منه، وطرده من المنزل وهو مريض؟
الحمد لله.
أولا: الاغتصاب لا يثبت بالادعاء بل لا بد من الشهود المعتبرين
الاغتصاب بحصول الجماع هو زنا ، ولا يثبت بمجرد ادعاء الفتاة ، بل لا بد من أربعة شهود شاهدوا الحادثة، ولا يكفي ما ذكرته من الأدلة الظرفية.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء":
" لا يصح إثبات جريمة الزنا بما ذكر من التقرير الفاحص الكيماوي، وتقرير أخصائي في بصمات الأصابع والشهادة الظرفية، فإن ذلك إنما يفيد اجتماعا ومخالطة، ويثير التهمة، ويبعث ريبة في النفوس، ولا ينهض لإثبات الجريمة الموجبة للحد حتى يقام الحد على مرتكبيها، كما لا تنهض لدفع حد القذف عمن رمى المحصنين والمحصنات بجريمة الزنا، وإن الله تعالى أعلم بعباده، وأرحم بهم منهم بأنفسهم، ومع ذلك حكم بحد القذف على من قذف المحصنات، ولم يأت بأربعة شهداء، وهو سبحانه العليم الحكيم في تشريعه، ولو كان هناك ما يدفع حد القذف سوى ذلك لبينه سبحانه في كتابه، أو بالوحي إلى رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان ربك نسيا، ولا يخفى على من له بصيرة بتشريع الله وحكمته، ما في حد القذف من القضاء على إشاعة الفواحش، وصيانة الأعراض وإغلاق أبواب الشحناء، وإنه لعظم الخطر في ذلك لم يكتف سبحانه بأقل من أربعة شهود عيان، وهو العليم الحكيم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى من"فتاوى اللجنة الدائمة" (22 / 30 - 31).
راجع للأهمية جواب السؤال رقم : (158282).
لكن ادعاء الفتاة تحرش الوالد بها فهذا مرجعه إلى القضاء للنظر في الأدلة والقرائن.
وإذا تبيّن لأفراد الأسرة فساد أخلاق الأب، وصدق الفتاة، فلا بد من حفظ الفتاة وإبعادها عنه.
قال الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ التحريم/6.
ويحسن مطالعة جواب السؤال رقم :(167713).
ثانيا: حكم إخراج الوالد من البيت لفسقه
البيت إن كان ملكا لهذا الوالد أو شريكا فيه، فلا يصح إخراجه من ملكه بحجة فسقه، فالفسق لا يسقط الحق في التملك.
وكذا إن لم يكن ملكا له، لكنه من أملاك أولاده ، وهو فقير محتاج : فمسكنه ونفقته على أولاده.
قال ابن المنذر رحمه الله تعالى:
" وأجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما، ولا مال، واجبة في مال الولد.
كذلك قال مالك، والثوري، والحسن بن صالح، والشافعي، والنعمان وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور " انتهى من"الإشراف" (5 / 167).
فإن أرادوا إخراجه من البيت دفعا لضرره ، فإنه يجب عليهم أن يسكنوه في مكان آخر ، ويراعوا مرضه ، فيخدموه بأنفسهم ، أو يستأجروا من يقوم بخدمته .
وفسق الوالد لا يسقط عن الولد واجب البر.
قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا لقمان/14 – 15.
وعليهم الحرص على نصحه وكفه بالحسنى عن المحرمات.
لكن إن كان البيت ملكا لزوجته وثبت فسقه، وتضرر منه أهله كما وصفت، فللزوجة أن تتقدم إلى القضاء بطلب الطلاق دفعا للضرر الحاصل بها.
وراجع للفائدة جواب السؤال رقم : (111875)، ورقم : (115107).
والله أعلم.