عنوان الفتوى : حكم الفائدة في عقد الاستصناع
أرغب في بناء بيت؛ فتقدمت إلى بنك إسلامي –البركة- لكي أحصل على دعم، ووافق البنك على مساعدتي، بالطريقة التي تسمى "صيغة الاستصناع"، وأعلم أن هذا العقد جائز شرعًا، لكن الجزء الذي لم أفهمه: لماذا يبني لي البنك مثلًا ب 300 ألف دينار -السعر الذي طلبته لبناء البيت- وأرجع لهم 350 ألف دينار بالتقسيط، يعني بفائدة 50 ألف دينار، فهل هذه الفائدة أو الزيادة حلال وليست ربا؟ أرجو منكم الرد، فأنا في حيرة من أمري.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالاستصناع في اصطلاح الفقهاء: هو أن يطلب المرء من مؤسسة أو شخص شيئًا لم يصنع بعدُ؛ ليصنعه له، وفق مواصفات محددة، بمواد من عند الصانع، مقابل عوض مالي.
وقد أجازه مجمع الفقه الإسلامي في مؤتمره السابع بجدة، بشرطين:
الشرط الأول: بيان جنس المستصنع، ونوعه، وقدره، وأوصافه المطلوبة.
الشرط الثاني: أن يحدد فيه الأجل.
ونص على: أنه يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة، كما يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطًا جزائيًّا، بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان، ما لم تكن هناك ظروف قاهرة. اهـ.
وعليه؛ فلو انضبط عقد الاستصناع بذلك، فلا حرج في ربح البنك، فالربح في البيع وسائر عقود المعاوضات جائز، قال تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ {البقرة:275}، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء:29}.
وليست المعاملة معاملة قرض حتى تحرم فيها الفائدة، فلو كانت قيمة المستصنع 300 ألف فقط، فللبنك صنعه ب 350، أو ما يتفق عليه بينك وبينه في العقد، وهكذا.
وعلى كل؛ فلا إشكال في مسألة الربح هنا، وإنما المعتبر هو توفر شروط جواز عقد الاستصناع، كما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 11224.
والغالب أن البنك لا يكون عنده مقاولون تابعون له، فيعمد إلى أن يتفق مع مقاول، أو شركة لتبني له ذلك المشروع بنفس الشروط بسعر أقل، وهذا ما يعرف بالاستصناع الموازي، وهو جائز شرعًا، وراجع في ذلك الفتويين: 77062، 120209.
ومن المعروف أن البنوك ليست مؤسسات خيرية، بل هي مؤسسات ربحية، فإذا اتفق البنك مع المقاول على السعر الذي عرضه السائل، ودفعه له نقدًا، فلا بد لكي يربح أن يزيد في السعر على السائل، نظير الأجل، كما هو الحال في كل بيوع الأجل، أو التقسيط.
والله أعلم.