عنوان الفتوى : تعاني من زيغ ولدها عن طريق الإسلام
ابني في السنة السابعة في المدرسة في المملكة المتحدة، يبلغ من العمر اثني عشر عامًا، ويمشي إلى المنزل سيرًا على الأقدام؛ لأنّ المدرسة تبعد خمس دقائق عن منزلنا، أعطيته خمسة جنيهات من المال ليأكل بها في متجر الرقائق الحلال، في يوم من الأيام عثرت على رزمتين من الحلوى بالجيلاتين غير الحلال، كما إنني وجدت خمسة رزم صغيرة من حلوى "هاريبو" ليست حلال التي تكلف خمسون بنسا، لذلك تحدثت معه في غرفته، وأعلن أنه كان مرتدًا، وقال تعليقات سيئة جدّا عن الإسلام، وعن الله ما لا أريد قوله، لذلك الآن تبرعت بهذه الأشياء الغير حلال لمأوى الطعام، ودفعت ثلاثة جنيهات وخمسين بنسًا مسبقا لبائع الرقائق الحلال، ولم أعد أعطي ابني أيّ مال بعد ذلك، لكي يتمكن من شراء ما يريد من متجر الرقائق مقابل ذلك المبلغ المدفوع مسبقا. ماذا أفعل الآن من أجل ابني؟ وهل ارتكبت إثما بالتبرّع بالحلوى الغير حلال إلى مأوى الطعام؟ لقد حاولت كل شيء لجعله مسلماً جيداً بما في ذلك إجباره على الصلاة، ونقله إلى خدمات الرقية الشرعية ولا شيء يساعده، وهو لا يزال مرتداً فماذا أفعل؟ أنا حزينة جدا ومكتئبة.
الحمد لله.
أولا:
مثل هذه الحلويات لا يقطع بحرمتها إلا إذا غلب على الظن أن بها موادًا نجسة ومحرمة وأنه لم يحصل لها استحالة وتغير خلال عملية التصنيع.
فإن كان يغلب على الظن أنها استحالت وتغيرت خلال عملية التصنيع، فإنها تطهر بهذه الاستحالة، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم : (261328)، ففي هذه الحال لا بأس من تمكين ولدك من الأكل منها، وكذا لا بأس من التبرع بها لمن هو محتاج.
وأما إن غلب على الظن أنها تحتوي على مواد نجسة ومحرمة باقية على أصلها لم تتغير، ففي هذه الحال لا يجوز تناولها ولا هبتها لمن هو محتاج ولو كان كافرا؛ لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة من أمرٍ بالواجبات ونهيٍ عن المحرمات.
قال النووي رحمه الله تعالى:
" والمذهب الصحيح الذي عليه المحققون والأكثرون أن الكفار مخاطبون بفروع الشرع " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (14 / 39).
فلا تعطى للكافر الأطعمة المحرمة؛ لأن في هذا إعانة له على المنكر.
قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ المائدة/2.
ثانيا:
للسعي في إنقاذ شخص من ضلال وزيغ وقع فيه، ينبغي بدايةً تلمّس السبب الذي أدى به إلى هذا.
فقد يكون سمع شبهات عن الإسلام من بعض زملائه في المدرسة ، أو من بعض مدرسيه ، فتأثر بها ، وأخذ يرددها .
وقد يكون سبب ذلك شعوره بضغط من أسرته، في حين زملاؤه في المدرسة يتمتعون بالحرية المطلقة ، فأراد أن يكون مثلهم .
والطفل في هذه السن لا يستطيع رد الشبهات التي يسمعها ، لقصور عقله ، ويغلب على تصرفاته التأثر بمن حوله ، فعلى أسرته في هذه الحال أن يدخلوا معه في نقاش هادئ ، لإزالة ما عنده من شبهات ، وللتعرف على أسباب انحرافه .
ويكون من المفيد جدا الحرص على استبدال صحبته السيئة التي قد تكون هي السبب في انحرافه بصحبة مؤمنة .
وإذا أمكن اصطحابه إلى المركز الإسلامي للمشاركة في عمل ما ، والتعرف على صحبة جديدة تساعده على تصحيح مفاهيمه وسلوكه يكون جيدا.
وإن أمكن أن تنتقل الأسرة عن الحي الذي تسكن فيه ، بل عن المدينة التي يعيشون فيها بأكملها، واختيار مدينة توجد فيها جالية إسلامية ظاهرة، يمكن أن تحيطه ببيئة أصلح، ويعتاد فيها على المظاهر الإسلامية: فنرجو أن يكون فيه النفع والخير له ، إن شاء الله.
وقد يتم ذلك عن طريق تبادل الزيارات مع بعض الأسر المسلمة التي بها أطفال من عمره .
وينبغي للأبوين في مثل هذه الحال أن يهتما بعواطف الابن ويحتوياه بمودة داخل الأسرة، ويصنعا معه علاقة صداقة وطيدة، حتى ينبسط ويتشجع على بث خواطره وأفكاره، فبهذا ستستطيعين أن تفهمي سبب انحرافه ، ويظهر لك بإذن الله تعالى الطريق المناسب لإعانته على العودة إلى التشبث بدين الإسلام عن محبة واقتناع.
ويحسن استشارة المربين من أهل الثقة والخبرة في مجتمعك، والاستفادة من خبرتهم.
كما ينبغي التنبه إلى أن الهداية كلها بيد الله تعالى، فأكثري من الدعاء له بالهداية .
نسأل الله تعالى أن يهديه ، ويرزقك بره .
ولتمام الفائدة: يرجى مطالعة جواب الأسئلة رقم : (165492)، ورقم (52893)، ورقم (221814) .
والله أعلم.